أسامة العبدالرحيم | أجراس: عزاء الإنسانية في كابول

أسامة العبدالرحيم
أسامة العبدالرحيم

قبل أيام فجع العالم بتفجير إرهابي جبان استهدف مدرسة لتعليم الإناث في العاصمة الأفغانية، كابول، راح ضحيته أكثر من 60 شهيدا، معظمهم من الفتيات، وإصابة أكثر من 150 نتيجة 3 انفجارات متتالية هزت فناء المدرسة. وتزامنت هذه الحادثة الإجرامية وقت إعلان الولايات المتحدة الأمريكية انسحاب قواتها من أفغانستان بعد نحو عقدين من التدخل والسيطرة عليها بحجة مواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة، وهي نفسها التي دعمتها ماديا واعلاميا وعسكريا بفترة الحرب الباردة في ثمانينات القرن الماضي، وبارك حينها الرئيس الأمريكي حركات الجهاد لمواجهة ما يسمى بـ«خطر الشيوعية»، وتصدرت صور المجادهين كأبطال في الصحف الغربية والأمريكية.

كابول الجريحة عانت، وماتزال، تعاني جراء سيطرة وسطوة الجماعات الأصولية المتطرفة منذ منتصف التسعينيات، إضافة لتداعيات الحروب وأثرها السلبي على الشعب الأفغاني بشكل عام، والمرأة الأفغانية بشكل خاص, فالتفجير الإجرامي الغادر الذي استهدف مدرسة الفتيات لم يكن عشوائيا، بل متجذرا في العقيدة المتخلفة للمنتمين للجماعات المتطرفة وأفكارهم الرجعية بكل ما يخص النساء، من حقوق إنسانية أساسية، كحرمانها من التعليم و اضطهادها وتعنيفها، وتغييبها المتعمد عن حقوقها في مجتمع تسوده الثقافة الذكورية.

منابع هذه الأفكار الظلامية لم تجفف بعد، فلاتزال بعضها «مندسة» في مجتمعاتنا وعلينا جميعا التكاتف والتلاحم لصد هذا النفس البغيض, والتوعية من خطره للقضاء عليه وقلع جذوره العفنة.

إن تقدم المجتمعات و تطورها مرهون بوضع المرأة بالحقوق والمساواة وفق أسس العدالة الاجتماعية واحترام خياراتها وحرياتها الإنسانية دون إكراه أو ترهيب.

وفي النهاية، نعزي الشعب الأفغاني وذوي ضحايا التفجير، ونتمنى الشفاء للمصابين والجرحى، ونؤكد أن الإرهاب لا دين له، والأمل في أن تعود أفغانستان الحضارة والتقدم كما كانت وأفضل في جميع المجالات، وتستعيد عافيتها.

وشخصيا لا أعول على الجماعات الدينية الأصولية ولا الحكومات المدعومة من الاحتلال الأمريكي، بل سيكون أملي في صناعة التغيير الحقيقي على وعي الجيل الشبابي القادم والقوى المدنية والتقدمية في أفغانستان التي تناضل من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *