أسامة العبدالرحيم | أجراس: أعراف أم إسفاف؟!

أسامة العبدالرحيم
أسامة العبدالرحيم

في‭ ‬٢٧‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي،‭ ‬أصدرت‭ ‬الحكومة‭ ‬بيانا‭ ‬عبرت‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬استيائها‭ ‬مما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬لطريقة‭ ‬تعبير‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬عن‭ ‬احتجاجهم‭ ‬السلمي‭ ‬بالجلوس‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬الوزراء،‭ ‬واعتبرت‭ ‬ذلك‭ ‬مخالفة‭ ‬لـ‭ ‬«الأعراف‭ ‬البرلمانية»‭!‬

الحكومة‭ ‬المستاءة‭ ‬ذاتها‭ ‬لم‭ ‬تشعر‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬عندما‭ ‬يخالف‭ ‬البعض‭ ‬«لأعراف‭ ‬الإنسانية»،‭ ‬فلم‭ ‬يصدر‭ ‬عنها‭ ‬بيان‭ ‬حول‭ ‬المطالب‭ ‬و‭ ‬الهموم‭ ‬الشعبية‭ ‬وملابسات‭ ‬قتل‭ ‬إمرأة‭ ‬في‭ ‬وضح‭ ‬النهار‭ ‬وانتحار‭ ‬طفل‭ ‬من‭  ‬«البدون»،‭ ‬أو‭ ‬حرمان‭ ‬موظفين‭ ‬من‭ ‬رواتبهم،‭ ‬أو‭ ‬اعتصامات‭ ‬مواطنين‭ ‬بلا‭ ‬وظائف،‭ ‬أو‭ ‬تأخر‭ ‬صرف‭ ‬مكافأة‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية،‭ ‬إنما‭ ‬شعرت‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬عن‭ ‬كراسيها‭ ‬الأمامية‭! ‬

الوضع‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬سيء‭ ‬إلى‭ ‬أسوء،‭ ‬وهناك‭ ‬سخط‭ ‬وغضب‭ ‬شعبي‭ ‬كبير‭ ‬نلتمسه‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬جراء‭ ‬التعامل‭ ‬الحكومي‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬الفساد،‭ ‬والتخبط‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬الإدراية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والصحية‭ ‬والأمنية‭.‬

ما‭ ‬يحدث‭ ‬يؤكد‭ ‬غياب‭ ‬التخطيط‭ ‬الحكومي،‭ ‬ولعل‭ ‬قرار‭ ‬نقل‭ ‬تبعية‭ ‬مكتب‭ ‬الإنماء‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬لمجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬يؤكد‭ ‬ذلك‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬قرارات‭ ‬حكومة‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الخالد‭ ‬المتسرعة‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬انتقاص‭ ‬حقوق‭ ‬أساسية‭ ‬ومكتسبة‭ ‬لموظفي‭ ‬مكتب‭ ‬الإنماء‭ ‬ممن‭ ‬كانوا‭ ‬ضحية‭ ‬لقرارات‭ ‬عشوائية‭ ‬غير‭ ‬المدروسة‭ ‬قانونيا‭ ‬وماليا‭ ‬وإداريا،‭ ‬تضرر‭ ‬منها‭ ‬مواطنون‭ ‬ومواطنات،‭ ‬فكيف‭ ‬نؤمّن‭ ‬على‭ ‬حكومة‭ ‬تدير‭ ‬مستقبلنا‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة؟

لنكن‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحا‭: ‬هل‭ ‬تعاني‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بعجز‭ ‬في‭ ‬الميزانية؟‭ ‬أم‭ ‬عجز‭ ‬في‭ ‬«الأعراف»‭ ‬والمبادئ‭ ‬الإدارية‭ ‬ورسم‭ ‬الخطط؟‭ ‬فالمواطن‭ ‬البسيط‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬قادرا‭ ‬اليوم‭ ‬تحمل‭ ‬فاتورة‭ ‬فشل‭ ‬وفساد‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭.‬

إن‭ ‬التخبط‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الإدارات‭ ‬سببه‭ ‬الرئيسي‭ ‬التسرع‭ ‬وضعف‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬وعدم‭ ‬الدقة‭ ‬في‭ ‬احتساب‭ ‬الميزانيات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬توفير‭ ‬الدرجات‭ ‬الوظيفية‭ ‬اللازمة‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يضر‭ ‬الموظف‭ ‬أو‭ ‬ينتقص‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬وكوادره‭ ‬المالية‭ ‬وتدرجه‭ ‬الوظيفي‭. ‬ونتساءل‭: ‬ما‭ ‬ذنب‭ ‬موظفو‭ ‬مكتب‭ ‬الانماء‭ ‬بعدم‭ ‬صرف‭ ‬مكافآت‭ ‬الأعمال‭ ‬الممتازة‭ ‬للمستحقين‭ ‬منهم؟‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثّر‭ ‬ماديا‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ترقيتهم‭ ‬لاختلاف‭ ‬اللائحة‭ ‬المطبقة‭ ‬والمعمول‭ ‬بها‭ ‬بوزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضررهم‭ ‬بتغيير‭ ‬سلّم‭ ‬الرواتب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬العالقة‭.‬

نطالب‭ ‬بتعديل‭ ‬أوضاعهم‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التخبطات،‭ ‬فمستقبل‭ ‬المواطنين‭ ‬ليس‭ ‬حقل‭ ‬تجارب‭ ‬لقرارات‭ ‬وخطط‭ ‬عشوائية‭.‬

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *