أسامة العبدالرحيم | الكويت وطالبان.. وحفلة «الهبّان»

 

أسامة العبدالرحيم
أسامة العبدالرحيم

كثر الحديث عن الوضع الأفغاني في الأسابيع الماضية بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منها، وفشل السياسة الليبرالية الاستعمارية في حرب طويلة دامت 20 عاما.

ولكي نقرأ أسباب وحيثيات الانسحاب بعمق، فلابد من الرجوع للأسباب الحقيقة الجذرية بعيدا عن «البروباغندا» الأمريكية في إعلان الحرب على الإرهاب، وادعاءات نشر الديمقراطية والتنمية الاقتصادية في بداية الألفية الجديدة. فقد كان الاحتلال الأمريكي يُعبر عن إجرام الإمبريالية الاستعمارية والرأسمالية المتوحشة، والدور الحقيقي الذي لعبته في دمار الدولة وبؤس وإفقار الشعب وإذلاله واستغلال ثرواته، وليس كما تدعي في حربها على الإرهاب، بل كانت تدير الإرهاب وتستثمر فيه خدمة لمصالحها وسياساتها.

ففي أكثر من موقع تعلن أمريكا انسحابها منه نلاحظ تكرار ظاهرة تمدد وتكاثر الجماعات المسلحة، وزيادة التوترات الإقليمية، خصوصا مع رغبة واشنطن في إفشال شراكة الصين مع العديد من الدول المجاورة لها، وتخريب مبادرة «الحزام والطريق» في ظل وجود مدينتين مهمتين في أفغانستان تقعان على طريق الحرير، هما كابول وننغرهار.

وفي ظل استمرار تخلف وتطرف حركة طالبان باعتدائها على فنانين وصحفيين، وقمعها لتظاهرة نسائية في كابُل تطالب بحق التعليم والعودة إلى العمل، ليس أمام الشعب الأفغاني وقواه التقدمية الحية سوى النضال من أجل التغيير الوطني الديمقراطي والجذري الشامل أمام القوى الرجعية والظلامية بمختلف أشكالها، ومحاربة أية تدخلات خارجية تهيمن على القرار السياسي والاقتصادي الاجتماعي في أفغانستان.

تحليل سطحي

وما إن قررت أمريكا تسليم أفغانستان لحركة طالبان وقيام إمارتها الإسلامية، انتشت قوى الإسلام السياسي في الوطن العربي عموما، وفي الكويت خصوصا، وباركت هذه الخطوة، فبعضها شبه ما حدث بفتح مكة، والبعض الآخر اعتبره انتصارا إلهيا لأمة الاسلام!، وهو تحليل سطحي متهافت بعيد عن الواقع، ولا يعبر إلا عن تلهف وحماسة هؤلاء لمشروعهم الرجعي الذي فشل أينما حل لاستحالة تطبيقه في القرن الحادي والعشرين.

حفلة مستفزة

ويبدو أن نشوة عودة طالبان للحكم في أفغانستان جعلت بعض «المهللين» في الكويت يتمادون فقد توالت «حفلة» من التصريحات المستفزة وأسلوب التحريض وثقافة الإقصاء لكل ما هو مختلف مع قناعاتهم، كإغلاق بعض الأندية النسائية وإزالة مجسمات من مجمعات تجارية بحجة أنها أصنام تؤثر على أخلاق وقيم المجتمع!، إضافة إلى ضغطهم لإغلاق وحدة الدراسات النسوية والجندرية في كلية الآداب بجامعة الكويت بحجة نشرها للأفكار المدمرة كما وصفوها!.

عدم المجاملة

لهذا يجب التصدي لتمادي القوى الرجعية، وفضح أساليبها التشويهية والتحريضية، وما تزرعه من ثقافة الإقصاء والإرهاب الفكري، وعدم الخضوع لهؤلاء، وعلى الحكومة في المقابل تحمل مسؤولية رعايتها ومجاملتها لهم، فهؤلاء من كانوا يدعمون القاعدة وجماعة الزرقاوي، وبشروا بحكم داعش وتنكروا من ذلك تاليا لأسباب تكتيكية وليست فكرية، كما دعموا ميليشيات إرهابية بالمجاهدين والمال، وعلى السلطة قراءة التغيرات السياسية الخارجية جيدا  واستيعابها كي لا تتحول الكويت إلى حديقة خلفية لبقايا المجاهدين.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *