أمريكا في أفغانستان.. من «الحرية الدائمة» إلى الانسحاب

تدخلت الولايات المتحدة التي تستعد لإنجاز انسحابها من أفغانستان، عسكريا في هذا البلد عام 2001 على رأس تحالف دولي لطرد تنظيم «القاعدة» الإرهابي من معاقله بعد اعتداءات 11 سبتمبر الدموية، لتمر رحلة وجود القوات الأجنبية فيها بالعديد من المراحل على مدار نحو عقدين من الزمن.

«الحرية الدائمة»

في السابع من أكتوبر 2001، بعد أقل من شهر من اعتداءات 11 سبتمبر التي أسفرت عن نحو ثلاثة آلاف قتيل، أطلق الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عملية «الحرية الدائمة» في أفغانستان، حيث كان نظام «طالبان» الذي يحكم البلاد يؤوي زعيم تنظيم «القاعدة»  أسامة بن لادن.

وفي غضون أسابيع، أطاحت قوات دولية بقيادة الولايات المتحدة حركة «طالبان».

حرب منسية

تحولت الأنظار عن أفغانستان في العام 2003 مع دخول القوات الأمريكية العراق الذي أصبح بدوره على رأس أولويات الولايات المتحدة.

في هذه الأثناء، أعادت حركة «طالبان»، وغيرها من الجماعات المتطرفة، تجميع صفوفها في معاقلها في جنوب وشرق أفغانستان، التي يمكنها أن تنتقل منها بسهولة عبر الحدود من وإلى المناطق القبلية الباكستانية.

وفي العام 2008، قرر الرئيس بوش إرسال تعزيزات لتنفيذ استراتيجية فعالة ضد تمرد «طالبان».

نشر 100 ألف جندي

أواخر عام 2009، خلال الأشهر الأولى من ولاية الرئيس باراك أوباما الذي تم انتخابه بناء على وعود بإنهاء حربي أفغانستان والعراق، ارتفع عدد الجنود الأمريكيين في أفغانستان إلى نحو 68 ألفا.

وفي ديسمبر، أرسل أوباما 30 ألف جندي إضافي، وأكد أن القوات الأمريكية ستبدأ بالانسحاب بعد 18 شهرا، والهدف كان وقف تمرد حركة «طالبان» وتعزيز المؤسسات الأفغانية.

وفي منتصف 2011 ، بلغ عدد الجنود الأجانب في أفغانستان أكثر من 150 ألفا، بينهم مئة ألف أمريكي.

وقُتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، مدبر اعتداءات 11 سبتمبر 2001 ليلة الأول إلى الثاني من مايو 2011 في عملية للقوات الأمريكية الخاصة في باكستان حيث كان مختبئا.

انتهاء العمليات القتالية

في 31 ديسمبر 2014، أنهى حلف شمال الأطلسي مهمته القتالية في أفغانستان، لكن بقي 12 ألفا و500 جندي أجنبي على أراضيها، بينهم 9800 أمريكي في البلاد لتدريب القوات الأفغانية والقيام بعمليات مكافحة الإرهاب. لكن الوضع الأمني سجل تدهورا واضحا مع توسع تمرّد «طالبان»، بينما نشط تنظيم «داعش»  أيضا في البلاد في مطلع العام 2015.

تعزيزات أمريكية

في 21 أغسطس 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القوات الأمريكية ستبقى في أفغانستان حتى إشعار آخر. وأرسل تعزيزات من آلاف الجنود.

وفي إبريل 2017، ألقى الجيش الأمريكي أكبر قنبلة غير نووية استخدمها على الإطلاق في عملياته القتالية تعرف بـ«أم القنابل»، مستهدفا مواقع لـ «داعش»  تضم شبكة من الأنفاق والكهوف في الشرق، ما أسفر عن مقتل 96 إرهابيا.

ورغم انتشار تعزيزات أمريكية جديدة في منتصف نوفمبر، تكثفت الهجمات الدموية التي يشنها المتمردون، فيما كثفت الولايات المتحدة من جهتها الضربات الجوية ضد المتمردين.

محادثات سرية

في منتصف 2018، بدأت واشنطن وممثلون عن «طالبان» محادثات سرية مباشرة، يرأسها الموفد الأمريكي الخاص زلماي خليل زاد، تركزت على خفض الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان.

في المقابل، تطلب الولايات المتحدة من «طالبان» منع استخدام البلد كملاذ آمن للجماعات الإرهابية بينها «القاعدة». وتوقفت المحادثات مرات عدة جراء هجمات استهدفت قوات أمريكية.

اتفاق تاريخي

في 29 فبراير 2020 وقعت الولايات المتحدة وحركة «طالبان» اتفاقا تاريخيا نص على الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية بحلول مايو 2021، مقابل ضمانات أمنية وتعهدات من «طالبان» بإجراء مفاوضات مع حكومة كابول وخفض أعمال العنف.

وفي 12 سبتمبر بدأت أولى محادثات السلام بين المتمردين والحكومة الأفغانية، بينما كانت أعمال العنف في أفغانستان تتكثف، لتدخل المفاوضات في طريق مسدود.

انسحاب القوات

في منتصف يناير 2021، أعلن البنتاجون أن عدد القوات الأمريكية في أفغانستان سيخفض إلى 2500 جندي. وفي 14 إبريل 2021، أعلن الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن أن الموعد النهائي للانسحاب سيكون في حلول 11 سبتمبر في الذكرى العشرين لاعتداءات سبتمبر 2001.

وفي 29 من الشهر نفسه، بدأ حلف الأطلسي انسحابا «منسقا» لوحدات مهمة «الدعم الحازم» التي يشارك فيها 9600 جندي و36 دولة.

وفي 1 مايو بدأ رسميا انسحاب آخر الجنود الأمريكيين البالغ عددهم 2500 إلى جانب 16 ألف متعاقد مدني.

ومنذ ذلك الحين سقطت عدة أقاليم أفغانية في أيدي حركة «طالبان»، ما يثير مخاوف من انتصارها على القوات الحكومية الأفغانية حين ينجز الانسحاب الأمريكي من البلاد (أ ف ب).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *