
في جلسته المنعقدة يوم الاثنين الماضي (٢٤ مايو)، قرر مجلس الوزراء في اجتماعه الموافقة على مشروع قانون بشأن التمويل العقاري للسكن الخاص، بما يوفر بحسب بيان مجلس الوزراء «بديلا تمويليا لطلبات السكن الخاص من خلال مشاركة البنوك المحلية في دعم المنظومة الإسكانية للدولة، إلى جانب التمويل الذي يقدمه بنك الائتمان ».
ولم يكن ليصدر هذا القرار حتى بدأ الجميع، سواء من الاقتصاديين أو عامة الناس، يتناول هذا المشروع ومدى تأثيره، متسائلين في الوقت ذاته عن الفئات المستفيدة منه؟ هل هي عموم الشعب أم من يمتلك رأسمال!
أمين عام المنبر الديمقراطي عبدالهادي السنافي:
سيفتح شهية «تجار العقار» رغم تضخم أسعار السكن

وفي هذا الاتجاه أكد الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي عبدالهادي السنافي أن مشروع القانون الحكومي وفق ما تم تداوله في بعض الوسائل الإعلامية ستكون له آثاره السلبية على القضية الإسكانية.
وقال في تصريح خاص لـ«الديمقراطي» أن مشروع القانون بصيغته المتداولة لم يذهب إلى تقليل فترة انتظار المواطن للحصول على السكن الملائم أو تقليل الأسعار المرتفعة والحد منها أو أن يصاحب هذا المشروع توفيرا في ميزانية الدولة من خلال عدم الاعتماد على البنك الائتمان في توفير القروض العقارية.
وأضاف السنافي أن هذا الاتجاه سيفتح شهية «تجار العقار» رغم تضخم أسعار العقار حاليا في وقت لم يعالج المشروع مسألة ندرة الأراضي كحل أساسي ورئيس لأزمة السكن.
وأشار أمين عام المنبر الديمقراطي إن إشراك البنوك في عمليات التمويل العقاري أمر جيد ولكن أن تقوم الحكومة بدفع فوائد هذه القروض فذلك يستلزم دراسات واضحة ومستفيضة، متسائلا: «كيف سيتم حساب فوائد هذه القروض بفائدة عادية أو منخفضة أو مرتفعة؟»
ونوه السنافي أنه مع ارتفاع عدد الطلبات بالتأكيد ستكون فوائد القروض مرتفعة ما قد يدخلنا في أزمة عقارية لا يعرف مداها وتأثيراتها في المنظور البعيد.
وقال: «لقد اعتدنا في الكويت على قوانين متسرعة نكتشف عيوبها مع بداية العمل بها، كما أن تقليص فترة السداد من ٥٧ سنة الى ٣٠ سيساهم في زيادة العبء على الأسرة الكويتية، كما أن القانون كما تم تداوله يعتبر قاصرا، فالقانون تطرق الى مسألة التمويل المالي فقط، وموضوع الرهن العقاري أشمل من ذلك بكثير فهو يذهب لإنشاء المدن المتكاملة بهامش ربح للشركات متفق عليه وطرحه للمواطنين بأسعار تتناسب مع القروض الممنوحة»، مستغربا أن تحوي مواد القانون صفة «الاختيار» للمواطن لطلب القرض من البنوك، فإذا كان اختياريا فما فائدته، ولماذا يطرح بهذا الشكل كحل لأزمة السكن.
وطالب الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي عبدالهادي السنافي أن يقوم أعضاء مجلس الأمة بمسؤولياتهم تجاه هذا المشروع بتقديم التعديلات الضرورية ليخرج القانون في صالح المواطن الكويتي أولا وألا يستغل أو يتم توظيفه لصالح المنتفعين والمتنفذين.
الحركة التقدمية الكويتية:
يكرّس المنظور الرأسمالي للسكن كسلعة لتحقيق أرباح

أصدرت الحركة التقدمية الكويتية بيانا أشارت فيه إلى منظورين متناقضين تماماً للسكن، الأول هو المنظور الاجتماعي الذي يرى السكن حقا إنسانيا أساسيا ومنزلا للعيش الكريم تنمو فيه الأسرة وتشكل ذكرياتها، ومن واجب الدولة مساعدة الناس على توفير السكن في إطار الخدمات العامة.
أما المنظور الآخر فهو المنظور الرأسمالي الذي ينظر للسكن كسلعة وكواحد من الأصول الرأسمالية وكمجال لاستثمار رأس المال وتحقيق الأرباح… وشتان ما بين المنظورين الاجتماعي والرأسمالي للسكن.
وأضافت: «لقد كان نظام الرعاية السكنية منذ بداية خمسينات القرن العشرين، على الرغم من انتقاداتنا له وجوانب قصوره، يمثل مقاربة ما للمنظور الاجتماعي للسكن كحق إنساني أساسي وكخدمة عامة، أما مشروع قانون التمويل العقاري للسكن الخاص، الذي قدمته الحكومة فهو على خلاف ذلك، إذ من شأنه تكريس المنظور الرأسمالي للسكن كسلعة وكمجال استثمار وتحقيق أرباح، وهذا هو المنطلق الأول والرئيس لمعارضتنا ليس فقط لهذا المشروع بقانون».
وأكدت الحركة التقدمية في بيانها على التمسك بمفهوم أن السكن والتعليم والصحة حقوق إنسانية أساسية، ومن واجب الدولة تقديمها كخدمة عامة، وهذا ما يتفق مع دستور البلاد، مشيرة إلى رفضها من حيث المبدأ تحويل السكن إلى سلعة ومجال استثماري لتحقيق الأرباح لقلة من كبار الرأسماليين على حساب حياة غالبية الناس وحقوقهم.
وحذرت أن مثل هذا المشروع من شأنه أن يفتح الأبواب إلى مجموعة من العواقب السلبية، من أبرزها:
– تحويل السكن إلى سلعة ومجال استثماري رأسمالي كبير ومفتوح لتحقيق الأرباح والفوائد للبنوك والشركات العقارية، بالإضافة إلى ما يتوقع أن ينجم عن تطبيق القانون في حال إقراره من زيادة في الطلب وارتفاع فاحش في أسعار العقار.
– إقحام المزيد من المواطنين والأسر في دوامة القروض وفخّ سداد الفوائد الفاحشة والأقساط المرهقة، مع ما يصاحبها بالضرورة من احتمالات الإعسار ورهن السكن الخاص، خصوصاً مع تقليص فترة سداد القرض العقاري إلى نصف مدته الحالية.
– إلزام الدولة والمال العام بدفع الفوائد للبنوك.
– فتح شهية الشركات العقارية لتوسيع المجال أمامها لإلغاء القانون رقم ٩ لسنة ٢٠٠٨ بفرض الحظر على جميع الشركات والمؤسسات الفردية التعامل بأي وسيلة في القسائم أو البيوت المخصصة لأغراض السكن الخاص سواء بالبيع أو الشراء أو الرهن أو الحوالة أو الوكالة.
وطالبت الحركة التقدمية الكويتية في ختام بيانها بمجموعة من الأولويات لحل أزمة السكن تبدأ بسن قانون إيجارات عادل يراعي مصالح جمهور المستأجرين من السكان، ويقوم على تأجير السكن وفق سعر المتر المربع، والإسراع في انجاز المشروعات الإسكانية، وتوسيع المساحات المتاحة للسكن وأخيرا زيادة قيمة الضريبة العقارية على الملكيات الكبيرة والأراضي الفضاء غير المستغلة، تمهيدًا لتحريرها، ومنع المضاربة بالعقار.