«الكهرباء» تطالب الجميع بالترشيد بينما يستمر تفريطها في موارد الدولة

مع ارتفاع درجات الحرارة في الكويت إلى مستويات قياسية خلال الأيام الحالية وما واكبها من استهلاك قياسي للكهرباء، وصل لمستوياته العالية في تاريخ البلاد قبل أيام حين سجل مؤشر الأحمال الكهربائية 15070 ميغاواط، يبدو الترشيد حتميا حتى يمكن أن نستمر في الحصول على تلك الخدمات.

الترشيد الذي تطالب به وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة عموم المواطنين والمقيمين عليها أولا تبدأ به من عقر دارها، وأن تطبقه على نفسها لتقلص الفارق بين فاتورة الوقود التي تصل إلى 1.7 مليار دينار سنويا وبين ما يتم تحصيله نظير خدمتي الكهرباء والماء الذي لم يتجاوز حد 340 مليون دينار سنويا في أحسن الأحوال.

فعلى مدار السنوات الأخيرة سلطت تقارير ديوان المحاسبة الضوء على واحد من أهم أبواب القصور في عمل الوزارة المرتبطة بآلية عمل قطاع شؤون المستهلكين، الذي تحول اسمه مؤخرا إلى قطاع خدمة العملاء.

فهذا القطاع الذي يعتبر المسؤول الأول عن تحصيل مستحقات الدولة يعج بالمخالفات ويسود عمله القصور بشكل عام، وليس أدل على ذلك ما أشار إليه أحدث تقرير لديوان المحاسبة بشأن استمرار تضخم إيرادات الوزارة المستحقة لدى المنتفعين بخدماتها حتى بلغ إجمالها 452 مليون دينار بفعل عدم كفاءة وفاعلية الإجراءات المتخذة لمتابعة التحصيل.

وبحسب تقرير الديوان عن العام 2020 تعددت أشكال التراخي في تحصيل المستحقات، منها: عدم تحصيل قيمة النهايات المعلقة التي بلغت جملتها 21.7 مليون دينار ويعود بعضها إلى ما قبل عام 2000 ما يعرضها للضياع بتقادم الزمن، وكذلك استمرار عدم تحصيل الوزارة لمبالغ أقسام إقرارات الدين لقرابة 11 ألف منتفع ممن تأخروا عن سداد 3 أقساط فأكثر خلال السنة المالية 2019-2020، وبلغ إجماليها 11.2 مليون دينار.

الغريب واللافت كذلك أن وزارة الكهرباء والماء تراخت عن تحصيل مديونيات الجهات الحكومية، ومنها الوزارة نفسها، وذلك على مدار عدة سنوات حتى بلغ إجمالي مديونية تلك الجهات 163 مليون دينار، منها 4 ملايين دينار مديونية على وزارة الكهرباء والماء.

الديوان أشار كذلك إلى استمرار استخدام ما يعرف بـ «كود الإجبار» وذلك لتعديل القراءات بالزيادة بما جملته 3.6 مليون دينار وكذلك تعديلها بالخفض بما جملته 160 مليون دينار خلال سنة واحدة، وبزيادة 807 % عن السنة المالية السابقة، محذرا من ضعف نظم الرقابة وإمكانية التعديل والتلاعب بشكل ينتج عنه ضياع إيرادات على الميزانية العامة في حال التعديل بالخفض .

وعلى الرغم من جيش الموظفين الذي يصل في الوزارة إلى 23 ألف موظفا، فضلا عن آلاف العاملين التابعين للشركات، فإن الوزارة فشلت طوال السنوات الماضية في استبدال أكثر من 20 ألف عداد كهرباء وعداد مياه تعمل بنظام الخمس خانات وأقل، فإذا علمنا أن غالبية المنتفعين بالكهرباء يستهلكون أكثر من ٢٠٠٠٠ كيلو وات  شهريا و100000 غالون مياه شهريا، فإن تلك العدادات تصل إلى مرحلة «التصفير» عدة مرات سنويا دون تحصيل مستحقات الدولة.

اللافت أن أوجه الهدر والتراخي في حق الدولة امتدت إلى حد عدم استيفاء الوزارة بيان الرقم الآلي لعدد 178 ألف مرفق تمثل نسبة ٣١٪ من إجمالي عدد المرافق المسجلة على النظام، ما يؤدي إلى صعوبة وصول الفنيين والمحصلين والقراء التابعين للوزارة لتلك المرافق، وهو ما ينعكس سلبا على الإيرادات.

استمرار التراخي 

استمرت الوزارة في حرمان الميزانية العامة من تحقيق إيرادات مقابل استهلاك الكهرباء والماء للعديد من المرافق السكنية بسبب وجود عدد 3109 مرفق دون عداد كهرباء و17 ألف مرفق من دون عداد مياه، ما يؤدي إلى حصول أصحابها على الكهرباء والماء من دون علم الوزارة وبطرق غير رسمية.

أخيرا يصل التراخي  ذروته حين نعرف أن 131979 مستهلك يمثلون نسبة 23.2 % من جملة المستهلكين على مستوى المحافظات لم يتم قراءة العدادات الخاصة بهم، ومن ثم اصدار فواتير الاستهلاك المستحقة خلال السنة المالية 2019-2020 ما أثر سلبا على مستحقات الوزارة وأدى إلى تراجع إيراداتها رغم كل ما تتحمله الدولة من ميزانية تصل في باب رواتب الموظفين وحدهم إلى أكثر من 500 مليون دينار فضلا عن تكاليف عقود القراءة وغيرها من النفقات.

شاهد أيضاً

الذكرى الـ 21 لرحيل سامي المنيس

كتب علي حسين العوضي في عام 1996 كانت بدايتي في العمل الصحافي في جريدة السياسة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *