المكتب الصحي في لندن.. من التحويلات الوهمية إلى تعريض سمعة البلاد للخطر

إدارة العلاج بالخارج

كتب محرر الشؤون المحلية:

تواصل «الديمقراطي» نبش مواطن القصور في عمل وزارة الصحة التي تتصدر المشهد في البلاد حاليا على مستوى القطاعات الحكومية لما تفرضه جائحة كورونا من تدابير على مدار الساعة، وهو أمر يجعل من الضرورة تسليط الضوء على  الأوضاع داخل القطاعات المختلفة بالوزارة لضمان أداء أفضل لخدمة الوطن والمواطن.

بعد أن تناولنا في الحلقة الأولى في الأسبوع الماضي بعض المخالفات التي رصدتها التقارير الرقابية الأخيرة على أداء الوزارة، وفي مقدمتها ما يرتبط بتدابير مواجهة كورونا متمثلا  في مناقصات استيراد الكمامات وما شهدته من شراء كميات تفوق عشرات الأضعاف ما تحتاجه الوزارة، نواصل هذا الأسبوع رصد جوانب الخلل، وتحديدا في المكاتب الصحية الخارجية التي يتعامل معها الآلاف سنويا حتى لا تبقى تلك المكاتب جزرا منعزلة.

مع مكتب لندن

البداية من المكتب الصحي في لندن الذي نفرد له هذه الحلقة، إذ رصد تقرير ديوان المحاسبة الأخير  والصادر عام 2020 عددا من الملاحظات المالية والمحاسبية، أبرزها: عدم إحكام الرقابة على العمليات التي قام بها المكتب لدى إلغاء العديد من الفواتير المستلمة من الجهات التي يتم التعامل معها من النظام الآلي،  سواء مستشفيات أو أطباء أو صيدليات، والبالغ جملتها 30.7 مليون جنيه استرليني وذلك خلال الفترة من 2004 وحتى 2019 .

ولفت التقرير إلى قيام أحد المحاسبين بإتلاف العديد من الفواتير الأصلية بعد إلغائها من النظام الآلي مباشرة، وعدم الاحتفاظ بنسخة منها، ما ترتب عليه صعوبة تتبعها والتأكد من الإجراءات التي تم اتخاذها، وأن ما تم سداده في الفاتورة المكررة الجديدة نظير خدمات فعلية تم تقديمها للمريض خلال علاجه، وكذلك عدم إرسال نسخة من الفواتير الملغية إلى الوزارة للتدقيق عليها والتحقق من صحة الإجراءات التي قام بها المكتب.

ومن بين الملاحظات كذلك، قيام المكتب الصحي في لندن بسداد فواتير ومطالبات بعض المستشفيات والمراكز العلاجية رغم تأخرها في تقديمها للمكتب عن المدة المقررة لذلك، وهي 3 أشهر وتجاوز بعضها سنتين، ما يخالف الشروط الواردة بكتب الضمان الصادرة من المكتب الصحي للمستشفيات ولا يظهر مصروفاته على حقيقتها ويخالف مبدأ سنوية الموازنة.

تحويل مبالغ

وفيما يخص واقعة تحويل مبالغ مالية من قبل بعض موظفي المكتب الصحي لجهات غير مستحقة، وهي القضية التي تفجرت عام 2016، أشار التقرير إلى  قيام المكتب بسداد المبالغ للأطباء عن طريق شركة تحصيل أموال بدلا من سدادها لمستحقيها مباشرة ودون أخذ موافقة الوزارة، الأمر الذي سهل واقعة تحويل المبالغ للأطباء الوهميين، لافتا إلى عدم الاطمئنان إلى دقة وسلامة الإجراءات التي قام بها المكتب ووزارة الصحة لحصر المبالغ المحولة إلى جهات غير مستحقة والبالغ إجماليها 1.4 مليون جنيه إسترليني خاصة في ظل قيام المكتب الصحي بإلغاء وإتلاف العديد من الفواتير المستلمة من الجهات التي يتم التعامل معها، كما سبقت الإشارة، قبل استكمال شرطة سكوتلانديارد التحقيقات في القضية وعدم كفاية مدة عمل اللجنة المكلفة بالتحقيق وهي 5 أيام قياسا على حجم وكمية الأعمال والبيانات المطلوب فحصها.

وبالرغم من ردود الوزارة وإشارتها إلى تحقيقات الشرطة البريطانية وإلى احالة الموضوع كذلك إلى النيابة العامة، إلا أن التقرير أكد على جميع ملاحظاته السابقة وضرورة المتابعة والتنسيق مع مكتب لندن بشأن الإجراءات المتخذة، وتنفيذ توصيات اللجنة المشكلة بهذا الخصوص.

إيفاد وتعاقدات

وتطرق التقرير إلى المآخذ التي شابت تعاقدات وزارة الصحة لتقديم خدمة تأمين العلاج العام وعلاج الأسنان للطلبة الدارسين في المملكة المتحدة خلال الفترة من 2015 وحتى 2020، والبالغ جملتها 11.2 مليون جنيه استرليني،  مشيرا إلى صرف المكتب الصحي  أكثر من 11 مليون جنيه لشركتين دون تدقيق أو مراجعة للتأكد من أحقية الصرف.

ومن بين الملاحظات كذلك، استمرار الوزارة في إيفاد العديد من الحالات للعلاج في لندن رغم توافر العلاج في الكويت استنادا إلى التقارير الطبية، وهو ما حمل الميزانية العامة مليون جنيه استرليني بلا داعي عبارة عن تكاليف علاج، فضلا عن 379 ألف جنيه مخصصات مالية للمرضى والمرافقين بالمخالفة للقرارات المنظمة للعلاج بالخارج وسياسة الترشيد.

أعباء إضافية

إلى جانب تلك الملاحظات، انتقد الديوان قيام المكتب الصحي في لندن تعويض الموظفين المحليين عن قيمة ضريبة الدخل التي يقومون بسدادها، وتحميل ميزانية المكتب أعباء إضافية دون مبرر بلغت 680 ألف جنيه استرليني رغم أن القانون البريطاني لا ينص على تحمل صاحب العمل تكاليف ضريبة الموظف، فضلا عن قيام المكتب إرسال بيانات غير حقيقة عن رواتب الموظفين المحليين لهيئة الضريبة التابعة للحكومة البريطانية، ما يعرض دولة الكويت للمساءلة القانونية ويضر بسمعتها ويحملها غرامات دون مبرر طبقا للقانون البريطاني.

تراكم للمطالبات

لفت التقرير إلى تراكم مطالبات وفواتير العديد من الأطباء والمستشفيات والمراكز الصحية لدى المكتب وعدم سدادها أولا بأول، بإجمالي 115.7 مليون جنيه عن الفترة من 2015 وحتى 2020، رغم تحويل دفعات مالية إضافية من قبل الوزارة، الأمر الذي لا يظهر مصروفات المكتب على حقيقتها وربما يؤثر سلبا على مستوى الخدمة الطبية المقدمة، فضلا عن وجود مآخذ على النظام الآلي المستخدم الذي يعتمد عليه المكتب في كافة أعماله والبالغ جملة ما تعامل معه من أموال خلال الفترة ذاتها نحو 741 مليون جنيه استرليني، إذ عجزت الوزارة على مدار سنوات عن تصميم نظام آلي يتناسب وجميع أعمال المكاتب الصحية لربطها مع الوزارة لإحكام الرقابة.

شاهد أيضاً

الذكرى الـ 21 لرحيل سامي المنيس

كتب علي حسين العوضي في عام 1996 كانت بدايتي في العمل الصحافي في جريدة السياسة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *