النيباري.. وبرنامج الإصلاح الوطني (٢)

عبدالله النيباري
عبدالله النيباري

كتب علي حسين العوضي

ماذا لو قُدّر لأعضاء لجنة وضع الدستور المكلفة من المجلس التأسيسي إبداء آرائهم فيما آلت إليه أحوالنا؟ بهذا السؤال يحاول عبدالله النيباري إلقاء الضوء على الوضع العام الذي تمر به الكويت، وبالذات بعدم استقرار المشهد السياسي العام واضطراب العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة.

يجيب النيباري على هذا التساؤل نيابة عن لجنة وضع الدستور: «لقالوا باندهاش مخاطبين الجيل الحالي: لماذا فرطتم في التمسك بالدستور والالتزام بأحكامه؟ ماذا جرى لكم؟ وما الذي أدى بكم للتفريط في هذا المكسب العظيم الذي يضع الكويت على خريطة المجتمعات العصرية الحديثة؟». بالفعل سؤال وإجابة تجعلنا نقف بخجل، وعاجزين عن تقديم أية إجابة منطقية مقبولة توضّح سبب انحرافنا عن مسار الدستور، وفشلنا في تطبيق توجيهاته، وعجزنا عن تحقيق التحول إلى دولة يحكمها القانون.

لكن من أين يبدأ النيباري شخصيا إجابته، يبدأها من قناعة تتمثل بمسألة «صنع القرار»، وبالذات من خلال المجيء بمجلس أمة صديق للحكومة، ومطيع لها، عبر تعديل آلية انتخابه، وهو تعديل من وجهة نظره يرقى إلى تعديل بالدستور، إذ لا يجوز أن تضع السلطة التنفيذية منفردة آلية إنتاج المجلس التشريعي، الذي من أهم وظائفه بعد التشريع، هو مراقبة الحكومة، بل إن الوظيفة الأخيرة هي الأساس.

ويتوقف عبدالله النيباري ويتأمل في الأحداث التي مرت على المجتمع الكويتي، لبيان مواضع القوة والضعف.

يقول: 

«كانت هناك إنجازات كبيرة لا يستطيع أحد إنكارها، وفي المقابل، هناك إخفاقات عدة حالت دون تحقيق الحد الأدنى مما كان ممكنا، فنحن نشكو اليوم القصور في مجالات كثيرة، وبروز اختلالات خطيرة وتشوهات في مسار التنمية.

فمازال اعتمادنا الرئيس على عائدات النفط، ولم نحقق نجاحات في تنمية موارد بديلة أو رافدة للنفط، بل نحن ماضون في استنزاف هذا المورد الآيل للنضوب بمعدلات إنتاج مرتفعة، فاعتماد اقتصادنا على الإنفاق العام الممول من دخل النفط في تزايد، وقوانا العاملة مكدسة في القطاع العام بإنتاجية ضعيفة، وكل ذلك ضاعف نزعة الأخذ من الدولة دون جهد، وعقيدة المطالبة بالحقوق من دون الاستعداد لتقديم الواجب».

«ورغم كل ما ينعم به المواطن الكويتي من وسائل الرعاية والرفاه والحماية القانونية، يبقى مستقبلنا محاطاً بالغموض، وشعور عام بأننا في وضع مأزوم، فنحن نعيش في وضع محيّر مليء بالتناقض، فكيف يكون هناك مجتمع يتوافر له كل هذا الثراء، ويعج بالشكوى والخوف من المستقبل المجهول؟!».

ويواصل: «نحن نعيش في مجتمع صغير يواجه اختلالات في البنية الاجتماعية، وإفرازات هذه الاختلالات تعوق تطورنا السياسي، الذي ينعكس بدوره سلبا على كيفية إدارتنا لشؤون بلدنا ومجتمعنا، ويولد صراعات تعطل مسار التقدم.

فالكويت، ككل بلدان العالم، تحمل أعباء موروثة، وهنالك دول توصلت إلى صيغ لمعالجة هذا الإرث، من خلال قبول الآخر والتسامح والتعايش المشترك، واختراق الأسوار التي أبقت قوى المجتمع حبيسة لترسبات وأعباء ذلك الإرث».

إن مهمة تجاوز الانقسامات، وعبور الأسوار، والتخلي عن التحيزات ليست سهلة ويسيره، بل تحتاج إلى جهد وعناء، وابتداع ثقافة تنعكس في مواقفنا وسلوكنا تجاه البعض، وتجاه الآخر. ولكن أمراً أساسياً يجب أن يبق محط أبصارنا، وهو أنه ما لم يكن هنالك تآلف بين مكوّنات المجتمع الأساسية؛ حضر وقبائل، شيعة وسنة، بمختلف أصولهم وجذورهم، فلن تكون هنالك نهضة أو تقدم أو مجتمع سعيد، بل ربما ننجرف إلى المستنقعات والخنادق التي نراها في العديد من بلدان الإقليم والجوار».

«فنحن حاليا نمر بمرحلة عدم الالتزام بتطبيق الدستور والتقيد بأحكامه، ومرحلة الانفلات من تطبيق القانون، وأبعد ما نكون عن الدولة القانونية أو دولة المؤسسات، ومتخلفون في ذلك، ليس مقارنة مع الدول المتقدمة، بل حتى مقارنة مع بقية دول الخليج العربي».

«إن الكويت تواجه اليوم أزمات مستعصية، منها: سوء الإدارة، تفشي أنماط الفساد بصورة مريعة، وأزمة نظام سياسي، حكومة ومعارضة وأعضاء مجلس. وهذه الأزمات كنا ننتظر من خلال تجاوزها إصلاحا شاملا بتعديل سلوكنا وممارساتنا السياسية».

البرنامج الوطني 

يرى عبدالله النيباري أن قوى الإصلاح والتغيير، وعلى رأسها القوى الوطنية الديمقراطية، تواجه مهام صعبة وتحديات كبيرة، وعليها الانطلاق من شعارات ومبادئ تسعى لتحقيقها، وتتمثل في:

١حماية الحريات الخاصة والعامة، والدفاع عن حقوق المواطن التي نص عليها الدستور وتضمنتها القوانين.

٢رفع القيود عن الحريات العامة، سواء التعبير بالرأي بجميع وسائله، وإصدار الصحف، وتكوين الجمعيات والنقابات والأحزاب، وغيرها.

٣حماية نزاهة الانتخابات وشفافيتها، لضمان حرية إرادة الناخبين، ويتمثل ذلك بـ: تعديل وتطوير قانون الانتخابات، ومنع التلاعب في سجل الناخبين، وتشديد العقوبة على اختراق القانون للحد من الوسائل غير المشروعة في التأثير على الناخب.

٤السعي لتحقيق التعددية السياسية، وتداول السُّلطة.

٥تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازية، وتنويع مصادر الدخل، وبناء الإنسان المنتج، وتوفير فرص عمل تستوعب الشباب الداخل إلى ميدان الخدمة.

٦إصلاح التعليم بجميع مراحله، ونشر ثقافة التعددية، وتعزيز الإنفتاح الفكري.

شاهد أيضاً

د. عبد المالك التميمي

د‭.‬عبدالمالك‭ ‬التميمي‭ ‬في‭ ‬ذمة‭ ‬الله

خسرت‭ ‬الكويت‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالمالك‭ ‬التميمي‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬القامات‭ ‬الثقافیة‭ ‬والأكادیمیة‭ ‬الكويتية‭ ‬والعربية،‭ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *