خالد العازمي | الضغط من أجل حق

خالد العازمي
خالد العازمي

«هااا‭ ‬ما‭ ‬توظفت؟ شكلك‭ ‬مستانس‭ ‬على‭ ‬القعده‭ ‬والبطالة! وين‭ ‬وصل‭ ‬رقمك‭ ‬بالديوان؟‭ ‬ابشر‭ ‬يمه‭ ‬ما‭ ‬قبلوك؟»

‬أسئلة‭ ‬يواجهها‭ ‬الشباب‭ ‬الكويتي‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬أجوبة‭ ‬لها‭ ‬لأنهم‭ ‬أمام‭ ‬مستقبل‭ ‬مظلم‭ ‬وواقع‭ ‬مشوه‭ ‬وحق‭ ‬غائب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجبر‭ ‬الشباب‭ ‬لتشكيل‭ ‬جماعات‭ ‬ضغط‭ ‬للمطالبة‭ ‬بهدف‭ ‬السعي‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬تتيح‭ ‬لهم‭ ‬بناء‭ ‬حياتهم‭ ‬المهنية‭ ‬التي‭ ‬استثمروا‭ ‬فيها،‭ ‬ومن‭ ‬أجلها،‭ ‬خلال‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭ ‬أملا‭ ‬بهذا‭ ‬الحق‭.‬

ومؤخرا‭ ‬ظهرت‭ ‬حملة‭ ‬اقبول‭ ‬المهندسين‭ ‬المجتازينب‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬التوظيف‭ ‬لمؤسسة‭ ‬البترول‭ ‬الكويتية‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬انتظار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬يقين‭ ‬شبابي‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬شريحة‭ ‬من‭ ‬المتقدمين‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬طلباتها‭ ‬بسبب‭ ‬بعض‭ ‬التعقيدات،‭ ‬وتطالب‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‭ ‬بقبول‭ ‬جميع‭ ‬المهندسين‭ ‬الذين‭ ‬يجتازون‭ ‬شروط‭ ‬التقديم‭ ‬واختبارات‭ ‬القبول‭.‬

فالتعقيدات‭ ‬في‭ ‬شروط‭ ‬التقديم‭ ‬تقلص‭ ‬من‭ ‬الفرص،‭ ‬وتطيل‭ ‬الانتظار‭ ‬ما‭ ‬يقتل‭ ‬أمل‭ ‬شباب‭ ‬طامح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المحلي،‭ ‬وبالذات‭ ‬القطاع‭ ‬النفطي‭. ‬إن‭ ‬اعلان‭ ‬مؤسسة‭ ‬البترول‭ ‬الكويتية‭ ‬الأخير‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬قرابة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬مشترطا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬شهادة‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬يرغب‭ ‬بالتوظيف‭ ‬لم‭ ‬يمض‭ ‬عليها‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬تخرجه،‭ ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬الأمر‭ ‬تعقيدا‭ ‬هو‭ ‬شرط‭ ‬التأمينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬العمل‭ ‬نهائيا،‭ ‬ما‭ ‬يجبر‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بمؤسسة‭ ‬البترول‭ ‬الانتظار‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭ ‬مكبلين‭ ‬بعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬متمنين‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬الإعلان‭ ‬قبل‭ ‬إكمالهم‭ ‬الـ‭ ‬28‭ ‬عام‭ ‬وهو‭ ‬شرط‭ ‬آخر‭ ‬يقتل‭ ‬حق‭ ‬فرصة‭ ‬العمل‭.‬

كان‭ ‬أمل‭ ‬المهندسين‭ ‬المجتازين‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شواغر‭ ‬عدة‭ ‬تفسح‭ ‬المجال‭ ‬لقبول‭ ‬جميع‭ ‬المجتازين،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬أخذنا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬تأثير‭ ‬الجائحة‭ ‬على‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الكويتيين،‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬للحكومة‭ ‬والمؤسسة‭ ‬التصريح‭ ‬رسميا‭ ‬وبمناسبات‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬بتطوير‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬الكويتية‭ ‬بإحلالهم‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الإنتاج‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬البلد‭.‬

لكن‭ ‬جاءت‭ ‬نتائج‭ ‬القبول‭ ‬عاصفة‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب،‭ ‬ولأسباب‭ ‬بعضها‭ ‬غير‭ ‬مفهوم‭. ‬فمن‭ ‬النظرة‭ ‬الأولى‭ ‬يظهر‭ ‬التمييز‭ ‬بشكل‭ ‬جلي‭ ‬في‭ ‬تفضيل‭ ‬قبول‭ ‬الرجال‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬التخصصات،‭ ‬رغم‭ ‬تحقيق‭ ‬النساء‭ ‬نتائج‭ ‬أعلى‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬الأفضلية‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬عدد‭ ‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬اجتزن‭ ‬الاختبارات‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬الميكانيكية‭ ‬89‭ ‬لم‭ ‬يقبل‭ ‬منهم‭ ‬إلا‭ ‬14،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬قبول‭ ‬191‭ ‬شاب‭. ‬هنا‭ ‬يبرر‭ ‬هذا‭ ‬التمييز‭ ‬بموضوع‭ ‬الأعمال‭ ‬الشاقة،‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬كذلك‭ ‬مبهم،‭ ‬فجميع‭ ‬النساء‭ ‬المجتازات‭ ‬درسن‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية،‭ ‬وانتظرن‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة،‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬تحديد‭ ‬نوع‭ ‬العمل‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬شاقا‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬شاق‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬قرعة‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬القبول،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬علامات‭ ‬استفهام‭.‬

حققت‭ ‬جماعة‭ ‬الضغط‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬التقديم‭ ‬بعض‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية،‭ ‬لكن‭ ‬مازال‭ ‬هناك‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬يصارع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬طالما‭ ‬انتطرها‭ ‬وسعى‭ ‬لتحقيقها،‭ ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬جماعات‭ ‬الضغط‭ ‬جزءا‭ ‬ووسيلة‭ ‬لنيل‭ ‬الحقوق‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬تصقله‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬الضاغطة‭ ‬على‭ ‬السلطات‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬لوعي‭ ‬المواطن‭ ‬وإدراكه‭ ‬لواقعه‭ ‬وحقوقه،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تستنزف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الشبابية‭ ‬وتزرع‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬على‭ ‬المستقبل،‭ ‬فالمطلوب‭ ‬إذن‭ ‬تظافر‭ ‬الجهود‭ ‬تمكين‭ ‬الشباب‭ ‬الكويتي‭ ‬والدفع‭ ‬به‭ ‬باتجاه‭ ‬المشاركة‭ ‬والبناء‭ ‬لاقتصاد‭ ‬منتج‭ ‬وفعال‭.‬

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *