دانة الراشد | الفن حياة

دانة الراشد
دانة الراشد

حياتنا فقيرة بلا فن، رمادية بلا ألوان، فأغلب ما نشاهده على التلفاز ونستمع له في الإذاعات لا يتعدى كونه ترفيه مبتذل صُنع من أجل الربح المادي فقط، فهو ترفيه خاو من القيمة والمعنى، وذلك ينطبق أيضا على ما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي. 

الفن الحقيقي يمس القلوب ويوقظ الوجدان، وكثيرا ما يكون الفن أوالأدب نقطة تحول في حياتنا، فقد تغير رواية ما نظرتك إلى الأمور بصورة لا رجعة فيها، وقد تكتشف جانبا جديدا في قلبك بعد الاستماع إلى أغنية أو مقطوعة ما

تتوق الأنفس إلى الجمال، ذلك الجمال العفوي البسيط بلا تكلف، ذلك الجمال الذي تجده في بسمة طفل، أو في حضرة شجرة عجوز، فذلك الجمال المتكلف الذي اعتدناه في مجتمعنا استحال قبحابل أصبح عبئا ثقيلا فرضناه على أنفسنا.

فكثرة الزيف تبعدك عن الجوهر، لذلك لا تبتسم إلا عندما تعني ذلك! إن الجمال والحقيقة قرينان لا يفترقان، والفن ماهو سوى وسيلتنا للتعبير عن هذه الثنائية الأبدية. 

يولد الفن نتيجة التواصل الحقيقي مع الطبيعة والحياة وخوضها بكل ما تحمله من تجارب وأطياف المشاعر المختلفة. نعم، فهذه هي الحياة الغنية التي تستحق العيش، ويالها من حياة شحيحة قاحلة تلك التي تعاش بصورة نمطية تحت قضبان المعهود والممنوع، فالإرادة الحرة هي طبيعة الإنسان. 

أما «الفن» الذي يولد دون تلك التجربة الباطنية العميقة فلا يتعدى كونه مجرد صورة لطيفة أو لحن يسهل تذكره، وما أكثر انتشار هذا النوع من «الفن السريع» – على غرار الوجبات السريعةفي عالمنا الرقمي. 

تصبح القسوة والجلافة السمة السائدة للمجتمعات التي تخلو من الفكر والفنون، ويستبدل العمق بالسطحية والتفاهة تحت وطأة سياسات المنع والتحريم وسيطرة الرأسمالية الاستهلاكية، وذلك بسبب منع البديل الجيد من كتب وثقافة ونشر سخافة مشاهير «السوشال ميديا» عوضا عن ذلك.  

فيالها من جريمة كبرى عندما حُرّم الفن وترتب عن ذلك عقود من الظلام في العالم العربي بعد أن كنا نعيش العصور الذهبية في الثقافة والفنون وجميع أشكال النتاج الفكري. أما الآن فأملنا الوحيد في تلك الموجة الشبابية الواعدة من المبدعين اليانعين، التي نأمل أن يتم خلق بيئة متفهمة وحاضنة لهمأو تركهم وشأنهم ينتجون شتى الإبداعات من فنون مسموعة ومرئية وأدب، فذلك أضعف الإيمان! 

الإبداع يتطلب الشجاعة في التخلّي عن الثوابتإريك فروم.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *