دانة الراشد | الكهنوت الجديد

دانة الراشد
دانة الراشد

«إن ذلك الأمر مثبت علميا»!

كثيرا ما نسمع هذه الحجة في أي نقاش، رغم احتوائها على جزء كبير من الصحة، حيث أن البحث العلمي هو سبيلنا إلى الحقيقة، إلا أنه يبدو لي أن هنالك جمهورا كبيرا يؤمن بأي رأي يسمي نفسه «علميا» دون أن يجهد نفسه هو بالقراءة والبحث لتكوين رأيه الخاص، وهو الأمر الخطير، لاسيما في عصر التكنولوجيا والصوابية السياسية، حين ندرك أن الرأي السائد يكون للغلبة ثم يتم إلباسه رداء العلم المسيس، فيصبح العلم «مزيفا». 

هذه ظاهرة غيرجديدة، فقد شهدنا حدوثها على مر العصور في تاريخ البشرية، فكان بذلك العلم هو «الكهنوت الجديد» في عهدنا، ثم ضف إلى ذلك المدد التكنولوجي لتلك الجهات التي باتت تقمع أي رأي مخالف أو سرد بديل. 

إن العلم الحديث مسيس للغاية، حيث يتم تمويل البحوث التي تخدم أجندات معينة ويفقد أساتذة الجامعة والأكاديميون مناصبهم إن تجرأوا على رفض تلك الأجندات. فعلى سبيل المثال، تسعى بعض المؤسسات الكبرى جاهدة لتمويل البحوث العلمية المناصرة للمثلية، وبدلا من الإقرار أن ذلك السلوك هو الاستثناء الوارد حدوثه في الطبيعة، تتم إعادة سرد الحقائق المتفرقة لتطبيعه كقاعدة وليس استثناء، بالإضافة إلى تمييع الفروق البيولوجية الواضجة للعيان بين الرجل والمرأة، وذلك لخدمة الأجندات النسوية المتطرفة، والويل كل الويل لمن ينتقد أو يعارض. 

أما الآن فإن البشرية تمر بمنعطف حرج، فالمؤسسات الداعية للبحث العلمي المغلوط تفرض أجنداتها الخاصة باللقاح بعنف دون النظر إلى النتائج الكارثية المصاحبة لبعض هذه اللقاحاتالتي طُورت على عجلوالتاريخ الصحي والقانوني المريب للشركات المصدرة لهذه اللقاحات، ما أدى إلى منع الكثير منها في عدة دول، والدراسات كثيرة ومتاحة للملأ في الجرائد والمجلات فلا يسعنا ذكرها هنا، ولكن يتم التكتم على كل ذلك لخدمة الصناعة الطبية وهي المستفيد الأكبر من تلك الأجندات التي خلقت أناسا مشوهين دائمي الاعتماد على مختلف الهرمونات والأدوية والتدخلات الطبية غير الضرورية. 

ومن هنا فقد ظهرت فلسفة العلوم وتبلورت في القرن الماضي، وهي فرع من الفلسفة يحلل وينتقد طرق البحث العلمي وما اعتقدناه من المسلمات، فيرتقي بذلك بالعلم ويجعله أكثر دقة في وصف عالمنا الملموس، وقد ظهر هذا التخصص بعد أن رأى الكثير من الباحثين والعلماء الثغرات في البحث العلمي وضعف بعض أدواته، والأدهى والأمر من ذلك تسييس العلم وتكميم الأفواه، كما ذكرت سابقا، لتحقيق غايات غير شريفة.  

يبقى العلم الوسيلة الأكفأ في فهم العالم من حولنا رغم  عيوب بعض تقنياته، وهنا يأتي دور المنطق والفلسفة والعلوم الإنسانيةوالأهم من ذلك: الاجتهاد الشخصيفي البحث عن الحقيقة كي نرى الصورة كاملة. وهنا نحتاج بعضا من الشجاعة للوقوف في وجه تلك «المكنة» التكنوقراطية القمعية وقول الحقحتى وإن كان ذلك سيثير حفيظة البعض.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *