دانة الراشد | شائعة

دانة الراشد
دانة الراشد

الشائعة في اللغة هي المعلومة الغير صحيحةأي المغلوطةوالتي غالباً ما تُنشرلأغراض غير شريفة كتغييب الحق أو الإساءة إلى أحدهم أو تأجيج الرأي العام للحصول على أغلبية ساحقة برأي موحد تجاه قضية ما، وغالباً ما تأتي الشائعة على هيئة معلومات مبهمة من مصادر غير موثوقة. وهنا نتوقف قليلاً لنتسائل: ما هو المصدر الغير موثوق؟ فهل تعتبر قنوات كالبي بي سي ودي دبليو الألمانية وشبكة آر تي الروسية مصادر غير موثوقة؟ وماذا عن أجندات الثورة الصناعية الرابعة المنشورة على الملأ على مواقع رسمية كموقع الحكومة البريطانية والمنتدى الاقتصادي العالمي؟ وإن لم يكن كل ذلك كافياً، فهل تعتبر المصادر الأكاديمية كجامعات هارفرد وأكسفورد والـأم آي تي MIT بمناهجها الجديدة والتي تتناول تكنولوجيا النانو ودمج البيولوجيا بالتكنولوجيا، هل تعتبر تلك مصادراً كافية لتنبئنا بمستقبل تكنوقراطي تحكمه المدن الذكية أم سنبقى ندفن رؤوسنا في الرمال؟  

أما السؤال الأهم فهو: هل يحق لنا أن نوسم أي رأي لا يعجبنا بوسم «الشائعة» –حتى وإن كان مبنياً على الحقائق والبحث العلمي؟ وهل لنا الحق في تكميم الأفواه التي عبرت عن مخاوف منطقية بكل حسن نية، أو سردت الحقائق المُرة فحسب؟  

الآن أكثر من أي وقت مضى، وفي زمن يتم فيه تدليس «البحث العلمي» لتمرير أجندات مريضة عن طريق تمويله من الجهات الداعمة لها، أصبحت الحقيقة أكثر ضبابية، وصار البحث عنها أكثر إلحاحاً، وللأسف،  فقد أصبح العلم كهنوتاً أشد وطأة من الكهنوت الديني المتطرف!  

هنا نحتاج إلى فلسفة العلوم، وهي تخصص دقيق يُعنى بتفكيك الخطاب العلمي وتحليل أدوات بحثه، وكذلك يلزمنا الكثير من القراءة والبحث الموضوعي من عدة مصادروليس من تلك التي تروق لنا فحسب! 

الجانب الجيد في الموضوعولاأعلم إن كان إيجابياً بالفعلهو مدى صراحة تلك الجهات الداعمة والممولة لأجندات كبرى كالثورة الصناعية الرابعة والتحول إلى الاقتصاد الرقمي المبني على بياناتنا الشخصية والبيولوجية biometrics بكل تفاصيلها الخاصة human capital، فعلى سبيل المثال، كل ما عليكم فعله هو تصفح محتوى المنتدى الاقتصادي العالمي لمعرفة إلى أين قد يتجه العالم. إذاً فهل تقع كل هذه المعلومات تحت بند «الشائعات»؟ وهل هي فعلاً مجرد «مؤامرة» إن كانت هذه الأجندات تطرح على الملأ في المواقع الرسمية؟  

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *