
خسرت الكويت الأسبوع الماضي الدكتور عبدالمالك التميمي الذي يعتبر من القامات الثقافیة والأكادیمیة الكويتية والعربية، التي كان لها بصمة في الحركة الثقافية والأدبية.
ويعد الراحل الحاصل على جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لأفضل بحث عام 1997 وجائزة الدولة التقدیریة في حقل العلوم الاجتماعیة لعام 2020، علما في المجال الأكادیمي التاریخي والسیاسي الكویتي والعربي.
والدكتور عبدالمالك خلف سالمين التميمي أكاديمي كويتي من مواليد عام 1943، بدأ دراساته المتوسطة والثانوية في المدرسة المباركية وأكملها في ثانوية الشويخ وواصل دراسته العليا في جامعة عين شمس في القاهرة ودخل بعدها قسم التاريخ بكلية الآداب-جامعة الكويت وتخرج منها مدرسا للتاريخ.
بعد تخرجه عمل الراحل مدرسا في المدارس الثانوية لمدة سنتين بين عام 1971-1972، ليتم لإرساله بعدها في بعثة علمية، لينال درجة الدكتوراه من جامعة دورهام بالمملكة المتحدة عام 1978 متخصصا بالتاريخ الحديث للخليج العربي، وكانت أطروحته للدكتوراه حول االتبشير في منطقة الخليج العربيب.
شغل الدكتور عبد المالك التميمي العديد من المناصب، أبرزها رئيس قسم التاريخ في جامعة الكويت ومحكما لدى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ومدرسا وأستاذا مساعدا في كلية الآداب بجامعة الكويت، وكذلك مساعدا لعميد كلية الآداب للشؤون الأكاديمية، ليتولى بعدها منصب مستشار مجلة عالم الفكر التي يصدرها المجلس الوطني ورئيس تحرير مجلة التاريخ والآثار في دول مجلس التعاون، وأخيرا مدير برنامج الدراسات العليا بقسم التاريخ.
إضافة إلى المناصب التي تقلدها، شارك التميمي في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية المحلية والعربية، إلى جانب إشرافه على عدد من رسائل الماجستير بقسم التاريخ في جامعة الكويت وتحكيمه الإنتاج العلمي لترقيات عدد من أعضاء هيئة التدريس في جامعات خليجية وعربية، وكذلك تحكيمه الكثير من البحوث لمجلات علمية محليا وخليجيا وعربيا.
أحوال مضطربة
لم يتوقف إبداع د.عبد المالك الثقافي والأدبي عند حدود الساحد المحلية، بل نشر عدد من المقالات في المجلات والصحف العربية، واشترك في ندوات وحوارات تلفزيونية وإذاعية.
وفي كتاباته كان للراحل عبدالمالك التميمي الكثير من الإجابات عن الأسئلة العاصفة عن أحوال المنطقة، ومن بينها التطرف الديني وقيم التسامح وتقبل الآخر، حيث يصف التطرف بأنه امرض العصرب وأن صعود تيار بأية وسيلة كانت لا بد أن يمر بمراحل وظروف تؤهله للصعود، ولا بد من نهاية لذلك الصعود، مهما طالت فترة البقاء في القمة، أياً كانت، ثم بعدها تبدأ مرحلة أو مراحل الانحدار والسقوط، والمسألة مسألة وقت في الصعود والهبوط، ومن يحافظ على صعوده يملك مقومات تؤهله لذلك، لكن حتمية الحياة تقول إن صعود الجبل صعب، لكن الهبوط أسهل وأسرع، وقد تكون الهاوية هي النتيجة، ونهاية التطرف الديني في العالمين العربي والإسلامي قد وصلت إلى الإرهاب، والإرهاب هو العنف ليس ضد الآخر فحسب، بل ضد الذات، وذلك يعني تدميرهما معاً، وليس بعد ذلك شيء غير الانحدار والسقوط لكن كيف ومتى؟.
وفيما يتعلق بثقافة التسامح، يؤكد التميمي أننا نعيش حالة من الازدواجية بين خطابنا وممارساتنا؛ نتحدث عن التسامح ونمارس ضده في آن، وهذا دليل على تخلف فكري نعيشه لعدم قدرتنا على النقد وتحمل آثاره، ولأننا مرة أخرى في إطار الفكر التقليدي دينياً واجتماعياً وسياسياً.
وكان للراحل نظرته الثاقبة حيال المشهد العربي، إذ يكشف أنه مشهد مضطرب ويفتقد إلى المشروع والرؤية الواضحة، مُحملاً السياسي والمُثقف غياب المشروع والرؤية.
إصدارات ومؤلفات
للراحل العديد من المؤلفات في مجالات عدة التي أثرى بها المكتبة العربية، أبرزها: التبشير في منطقة الخليج العربي، الاستيطان الأجنبي في الوطن العربي، أضواء على المغرب العربي، الخليج العربي والمغرب الإسلامي، الكويت والخليج المعاصر، أبحاث في تاريخ الكويت، المياه العربية-التحدي والاستجابة، تاريخ الناس في منطقة الخليج العربي، محاضرات في تاريخ العرب المعاصر، الطبقة الوسطى في العالم العربي، الحداثة والتحديث في دول الخليج العربية، سيرة أستاذ جامعي، ورواية االنهار الطويل تجربة شاهد عيان.