
تواجه الكويت أزمة عامة مركبة من جهة، ومتفاقمة من جهة أخرى، ومستعصية على الحل من جهة ثالثة، وهي أزمة عامة تشمل من بين ما تشمل المستويات التالية:
– مستوى أول، هو مستوى الأزمة السياسية الناجمة بالأساس عن تحكّم المصالح الطبقية الضيقة للقوى المتنفذة وعقلية المشيخة، التي لا يمكن أن تكون قادرة على إدارة دولة، بل لقد برزت شروخ واضحة في تماسك الأسرة نفسها.. فيما يتمثّل التناقض السياسي الأساسي في الصراع بين نهج الانفراد بالسلطة وسوء الإدارة للدولة وفسادها؛ والاستخفاف الاستفزازي بإرادة الناخبين والتضييق على الحريات واستهداف المعارضين من جانب، وبين المطالبة الشعبية بتحقيق انفراج سياسي وإطلاق الحريات والمشاركة الشعبية في القرار، وتحقيق إصلاحات سياسية ديمقراطية جدية من جانب آخر.
– ومستوى ثان، هو مستوى الأزمة الاقتصادية الناجمة عن النهج الاقتصادي «النيوليبرالي» المنحاز طبقيا لمصلحة الأقلية الرأسمالية الطفيلية؛ وسوء الإدارة المالية للدولة والفساد السياسي والمالي والإداري؛ وتآكل الاحتياطي العام للدولة، وانعكاسات الأزمات الاقتصادية والبنيوية والعامة للنظام الرأسمالي العالمي، وليس فقط انخفاض أسعار النفط، على الاقتصاد الكويتي التابع والريعي، ناهيك عما يعانيه هذا الاقتصاد من اختلالات بنيوية.
– ومستوى ثالث، هو مستوى الأزمة الاجتماعية التي هي امتداد للأزمة الاقتصادية، وتتمثل في استئثار الأقلية المتنفذة بمقدرات الدولة من جهة، وتهميش الغالبية الساحقة من الناس من جهة أخرى واشتداد معاناتهم من الضغوط المعيشية وصعوبات الحياة، فيما هناك في المقابل معارضة شعبية واجتماعية واسعة للنهج الاقتصادي الاجتماعي للسلطة وحلفها الطبقي، رغم ضعف بنية الحركة النقابية العمالية. ومن جانب آخر هناك بنية طبقية مشوهة، وحالة تخلف اجتماعي وثقافي، ونزعة اجتماعية استهلاكية، ومحاولات لتكريس أدوار سياسية للمكونات القبلية والطائفية، ونزعة عنصرية متنامية. وفي مقابل كل ذلك بدأت تظهر على السطح بشكل ملحوظ تيارات نسوية تقدمية وتوجهات اجتماعية وثقافية مدنية وحداثية وناشطون بيئيون وحقوقيون.
– ومستوى رابع، هو مستوى الأزمة الدستورية المتمثلة في الانتهاك السافر للدستور والعبث به وإفراغه من أبسط مضامينه الديمقراطية، ناهيك عن كونه بالأساس دستور حد أدنى وليس دستورا ديمقراطيا.
– وهناك أزمة على مستوى خامس، هو مستوى أزمة الحركة الشعبية من حيث كونها عفوية وغير منظمة، وغير متحققة على الأرض رغم وجود رأي عام شعبي ساخط، في ظل القيود الصحية والأمنية.
– وتبرز الأزمة على مستوى سادس، هو مستوى أزمة قوى المعارضة المكونة من أطياف و«تلاوين» واسعة ومتنوعة ومتناقضة (وطنية ديمقراطية، وشعبوية، ودينية، وقبلية، وزعامات فردية) تضع مركز ثقلها على العمل البرلماني وحده، في الوقت الذي انسدت فيه أي آفاق يمكن من خلالها تحقيق الإصلاح والتغيير، بسبب العبث في النظام الانتخابي من جهة، ومحدودية الآليات الدستورية والبرلمانية وما يعتريها من نواقص وثغرات من جهة أخرى، والطابع الفردي للعملية الانتخابية وللعمل البرلماني من جهة ثالثة.
لذلك فإنّ تشخيصنا أنها أزمة عامة مركبة ومتفاقمة ومستعصية على الحل.
أمين عام الحركة التقدمية الكويتية بالإنابة