رأي الديمقراطي: المشهد السياسي إلى أين؟

لم‭ ‬تهدأ‭ ‬حدة‭ ‬الصراع‭ ‬السياسي‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والأغلبية‭ ‬النيابية‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬إقدام‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬الجلوس‭ ‬على‭ ‬المقاعد‭ ‬المخصصة‭ ‬للوزراء‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬حيث‭ ‬اعتبرت‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬هو‭ ‬خروجا‭ ‬عن‭ ‬الأعراف‭ ‬البرلمانية‭ ‬ما‭ ‬أوجد‭ ‬موجة‭ ‬غضب‭ ‬عارمة‭ ‬ضدها،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬اعتبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬سلوك‭ ‬الحكومة‭ ‬وبعض‭ ‬النواب‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬خروجا‭ ‬عن‭ ‬الأعراف‭ ‬البرلمانية‭.‬

وبالتأكيد‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬تبرز‭ ‬حجم‭ ‬التوتر‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬وتأزم‭ ‬الوضع‭ ‬السياسي‭ ‬العام‭ ‬منذ‭ ‬نتائج‭ ‬انتخابات‭ ‬ديسمبر‭ ‬٢٠٢٠،‭ ‬وانعكاس‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تاليا‭ ‬استقالة‭ ‬الحكومة‭ ‬وقرار‭ ‬تأجيل‭ ‬أية‭ ‬استجوابات‭ ‬مقدمة‭ ‬أو‭ ‬ستقدم‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬محاولات‭ ‬لإجهاض‭ ‬الرقابة‭ ‬البرلمانية‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬الحكومي‭.‬

وهذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬تكرس‭ ‬الأزمة‭ ‬السياسية‭ ‬العالقة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬دون‭ ‬حل‭ ‬جذري،‭ ‬وغياب‭ ‬البرنامج‭ ‬الوطني‭ ‬العام‭ ‬للإصلاح‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬الجانب‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭.‬

يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المحاولات‭ ‬المستمرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬إجهاض‭ ‬أية‭ ‬رؤية‭ ‬وطنية‭ ‬تستهدف‭ ‬التصدي‭ ‬للفساد‭ ‬ومواجهته‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬اليوم‭ ‬خطرا‭ ‬يهدد‭ ‬كيان‭ ‬المجتمع‭ ‬ويفتته‭ ‬ويستفزه‭ ‬أيضا‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬النفي‭ ‬الحكومي‭ ‬لما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬«القبضة‭ ‬الحديدية»،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬المقيدة‭ ‬للحريات‭ ‬العامة‭ ‬والتضييق‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬الرأي‭ ‬وعدم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬صيغة‭ ‬مناسبة‭ ‬للعفو‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭.‬

هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لاتزال‭ ‬تؤكد‭ ‬عليه‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية‭ ‬والتقدمية،‭ ‬فالكويت‭ ‬بحسب‭ ‬بيان‭ ‬للحركة‭ ‬التقدمية‭ ‬الكويتية‭ ‬«تعيش‭ ‬أزمة‭ ‬عامة‭ ‬مستعصية‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية»،‭ ‬وهي‭ ‬أزمات‭ ‬تتعلق‭ ‬بعدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بالدستور‭ ‬وعدم‭ ‬قراءة‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬بصورة‭ ‬صحيحة،‭ ‬رافق‭ ‬ذلك‭ ‬نهج‭ ‬اقتصادي‭ ‬منحاز،‭ ‬كما‭ ‬طالبت‭ ‬الحركة‭ ‬القوى‭ ‬والشخصيات‭ ‬السياسية‭ ‬والنيابية‭ ‬وجماعات‭ ‬الضغط‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وأن‭ ‬تتداعى‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬الجاد‭ ‬في‭ ‬أحوال‭ ‬البلاد،‭ ‬والتوافق‭ ‬على‭ ‬بدائل‭ ‬وآليات‭ ‬ووسائل‭ ‬تحرك‭ ‬وضغط‭ ‬نحو‭ ‬إنقاذ‭ ‬البلاد‭.‬

أما‭ ‬المنبر‭ ‬الديمقراطي‭ ‬فرأى‭ ‬أن‭ ‬المناخ‭ ‬السياسي‭ ‬الحالي‭ ‬ليس‭ ‬مدعاة‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬المناكفة‭ ‬والمواجهة،‭ ‬وعلى‭ ‬الحكومة‭ ‬استغلال‭ ‬النوايا‭ ‬الإصلاحية‭ ‬الجادة‭ ‬للنواب‭ ‬والفعاليات‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬البرلمان‭ ‬للعمل‭ ‬نحو‭ ‬المصالحة‭ ‬السياسية‭ ‬الحقيقية،‭ ‬وسن‭ ‬التشريعات‭ ‬اللازمة‭ ‬نحو‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والمشاركة‭ ‬السياسية‭.‬

شاهد أيضاً

رأي الديمقراطي | عجائب الزمان

في مسرحية على «هامان يا فرعون» التي قدمت على خشبة المسرح عام 1978، وشارك في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *