سعد الزايد | هذا الوقت سيمضي: الاعتدال

سعد الزايد
سعد الزايد

الاعتدال في العلاقات الاجتماعية هو أفضل وسيلة للعيش بطمأنينة وسلام وراحة، وسعادة، كما حثنا ديننا الحنيف على الوسطية والاعتدال لأنه استقامة، واستواء، وتزكية، وتوسط بين حالين، بين مجاوزة الحد المطلوب والقصور عنه.

ليس هذا فقط بل يعرف الاعتدال أيضا بأنه الاقتصاد 

والتوسط في الأمور، وهي أفضل طريقة يتبعها الإنسان من أجل تأدية واجباته نحو ربه، ونحو نفسه ومجتمعه، فلا غلو فيه ولا جفاء، ولا إفراط ولا تفريط.

فالاعتدال نعمة كبيرة تمنحنا الإحساس بأن كل منا تعيش حوله أرواح هي بمثابة النعمة للفؤاد، مجيئها كالغيث الطيب، أينما حلت أسعدت ونفعت، وبقربها تنسى الكدر، وتخفف من الضجر والملل، بعيدا عما يثقل الصدر، إذ تحيك السعادة بخيوط من ذهب، هي لا تتغير ولا تصدأ أبدا، حتى في وقت حزنها تمنح الفرح، وفي بكائها تمنح الابتسامة، وفي يأسها تمنح الأمل، العطاء لديها كـ«المغذي الوريدي» يضخه القلب في أجسادهم ويجري مجرى الدم في عروقهم..

وكأنما شعارها كما قيل:

أُغنِّي للجمالِ لعلَّ لحنًا

يُصادِفُ قلبَ مكتئبٍ فيَطرَبْ

وأسكبُ في طريقِ اليأسِ فألًا

لعلَّ العابرَ الظمآنَ يَشربْ

هذه الأرواح معرفتها وقربها

والتعامل معها رزق من نعيم 

الحياة التي يجب أن نحمد ونشكر الله عليها.

ولأن أغلب المشاكل التي تواجهنا في الحياة مع الآخرين 

يكون سببها الرئيسي أننا نبالغ بالفعل، ويبالغون بردة 

الفعل، لا يوجد بها وسطية واعتدال، فنبالغ في الحب 

ويبالغون في الكره، نبالغ في العفو ويبالغون في الخصام، نبالغ في الهدوء ويبالغون في الغضب، نبالغ في الاهتمام ويبالغون في التجاهل، ولو أننا لم نبالغ واعتدلنا بجميع أمورنا وتصرفاتنا، وملأنا قلوبنا فقط بما يكفينا من أي شعور، يراودنا لما فاض علينا وأغرقنا.

وستستقيم وتنجح معظم العلاقات البشرية حين نبحث عن نقاط الاتفاق والتلاقي والأراضي المشتركة فيما بينها، بدلا من الوقوف على نقاط التأزيم والاختلاف، فكلما منحنا القيمة للمكسب الثمين، والمعنى الأصيل، وتفضيل المكاسب المستقبلية البعيدة على بقايا القشور الزهيدة.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *