سعد الزايد | هذا الوقت سيمضي: من راقب الناس مات همًّا

سعد الزايد
سعد الزايد

القلوب الجميلة النبيلة النقية لا يتوقف نبضها عن حب العطاء مهما حاول البعض کسرها، ﻷنها تعيش في مساحة لا يصل إليها إلا اﻷنقياء.. 

«ثُم السبيل يسّره »، الأصل في كل دروب الحياة هو اليُسر، فالعُسر طارئ وسيرحل، والدمعة التي جرحت ملامحك سيبرؤها الله، والقلب المنكسر المتألم سيجبره الجبار، والطريق المسدود سيفتحه الفتاح، وأمورك  المعوجة ستستقيم، وأوجاعك ستشفى، ويخلف الصعوبة سهولة، والشقاوة سعادة.. فأنت ملكٌ لله.. وهكذا بشرك الباري عز وجل: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا».

الله لن يتخلى عنك، فليطمئن قلبك، فمن اعتني بك وأنت بين لحم ودم لا تملك قوة ولا صوتا ولا حيلة، لن يضيعك وأن تتقول يارب.. بالِغ في حسن ظنك بالله، فإن جزاء حسن الظن أن تنل ما ظننت..  ولا تيأس، فالفجر والفرج توأمان ، فالفجر انتقال من ظلمة إلى نور، والفرج انتقال من ضيق إلى سعة. 

وفي ذلك يقول الإمام الشافعي: 

وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى   

ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ 

ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها

فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ

وحسن الظن لا يقتصر على يقينك بتدبير الخالق فقط، بل يمتد وعلاماته لتعاملاتنا الإنسانية. فمثلا ليس من العدل والرشد ولا المروءة أن تصنف الناس إلى أعداء وأصدقاء بمقاييسك التي وضعتها من خلال حدث أو موقف معين حصل بينكم، وكأنك قاضي القضاة ومحور الكون، فهناك الكثيرون الذين لا يعلمون بوجودك أصلا. 

فلا تتصيد بالماء العكر وتراقب الناس، ولا تتبع عثراتهم وعوراتهم، ولا تكشف سترهم، ولا تتجسس عليهم بالبحث وراءأخبارهم. وكما قال الشاعر: «من راقب الناس مات همًّا».

إن الانشغال بعيوب الناس وتتبع عوراتهم خصلة مرذولة، وخلق دنيء، إنه منهج صغار النفوس وضعفائها، وناقصي الدين والعقل، يعمي المرء عن عيوب نفسه وإصلاحها، ويجره إلى خصال ممقوتة من الإعجاب بالنفس، والتزكية لها،والتكبر على الناس، بل اشتغل بنفسك، وأصلح عيوبك، فغدا لن تسأل إلا عن نفسك، والله أرحم بك وبهم منك ومن أنفسهم.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *