
عندما تصل إلى المرحلة الإمبراطورية في حياتك، وهي مرحلة «النضوج» الفكري والعقلي، حينها ستتعلم وتتقن فن التعامل مع البشر، لأنها تغير من طريقة تفكيرك وأسلوب تعاملك مع القضايا المختلفة ونظرتك الشاملة للحياة، فقط هي تحتاج منك القليل من التفكر، والقليل من الإدراك السليم، والقليل من المحبة، والقليل من الصفح والعفو، والقليل من الابتهاج، وسوف تندهش عندما ترى كيف استطعت أن تنتصر لروحك وتريح نفسك على سطح هذه الكرة الأرضية.
فطبيعة البشر كعلامات الإعراب في اللغة العربية: بعضهم يستحق الرفع.. وبعضهم يستحق النصب.. وبعضهم يستحق الجر.. وبعضهم يستحق الجزم.. ومعظمهم ليس له محل من الإعراب.
وعندما تصل لهذه المرحلة الجميلة بكل ما تحملة هذه الكلمة من معنى ستدُرك بأنك أنت فقط المسؤول الوحيد عن قيادة حياتك التي ستحبها أكثر من أي وقت مضى، فإن بهجتك وسعادتك قرار تتخذه بنفسك وهو يقع على عاتقك ومسؤوليتك لا مسؤولية غيرك.. فأنت من تحدد تعاشر من، تُقرب من.. وتُبعد من.. وتتعامل مع من.. كل ذلك بمحض إرادتك، فارسم ما شئت لحياتك واستمتع بها كما تُريد وتحب أنت لا كما يريد لك البشر أن تعيش.. ولأن لا أحد في هذه الدنيا يريد لك المصلحة والراحة والطمأنينة والاستقرار سوى والديك ونفسك، فلا تلتفت لأحد أو تتأثر بحديث أحد كان من كان.
وكما ذكر جبران خليل جبران:
«لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل، إذا صمتّ.. فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت.. فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت.
إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضا، وإذا رفضت.. فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول.. النصف هو حياة لم تعشها، وهو كلمة لم تقلها،وهو ابتسامة أجّلتها، وهو حب لم تصل إليه، وهو صداقة لم تعرفها.. النصف هو ما يجعلك غريباً عن أقرب الناس إليك، وهو ما يجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك.
النصف هو أن تصل وأن لاتصل، أن تعمل وأن لا تعمل،أن تغيب وأن تحضر.. النصف هو أنت، عندما لا تكون أنت.. لأنك لم تعرف من أنت، النصف هو أن لا تعرف من أنت.. ومن تحب ليس نصفك الآخر.. هو أنت في مكان آخر في الوقت نفسه.
أنت إنسان وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة ليست حقيقة الإنسان بما يظهره لك.. بل بما لا يستطيع أن يظهره، لذلك.. إذا أردت أن تعرفه فلا تصغي إلى ما يقوله .. بل إلى ما لا يقوله».