
الحركة النسوية، ببساطة شديدة، عبارة عن عدة مطالبات نسائية تحت شعار المساواة بالرجل والمشاركة الحقيقية في الحياة المدنية، ولا يشترط أن يكون منتسبوا هذه الحركة نساء فقط، لأنه من يطالب النساء بحقوقهن سيكون «نسوي».. وهذا يندرج تحت طبيعة تعريف الحركة.
يظن الكثير من الناس أن الحركة النسوية والمطالبات النسائية المدنية المستحقة هي مجرد «هبّة» ظهرت في الفترة القصيرة الماضية، لكنها في الحقيقة ليست كذلك، فالحركة النسوية لطالما كانت متواجده في مجتمعاتنا المختلفة إلا أنها تختلف من بيئة إلى أخرى، ولعل أبرز المطالبات النسائية التي تحققت بعد نضال طويل هي التمثيل السياسي والبرلماني والقضائي بعدما كانت لفترة طويلة جدا حكرا على الذكور لأسباب سلطوية وبعض الأحيان دينية.
يختلف الكثير في مشرقنا العربي مع طبيعة وفكرة المطالبات النسوية بحيث تكون متساوية مع شريكها في الوطن «الذكر»، وألا تكون هناك امتيازات أو فروقات جندرية أو جنسية، ولعل أبرز أسباب الاختلاف هنا هو: الموروث الديني وتعزيز السلطة وقوى الفساد لهذا الأمر بحيث يدعم موقفهم من ذلك، فطبيعة هذا الموروث يفسر أن للمرأة نصف حق الرجل في عدة جوانب حياتية، وأنها لا تصلح أن تكون قائدة بسبب تركيبتها النفسية المتقلبة هرمونيا، ولا تصلح أن تكون قاضية لأنها «ناقصة عقل ودين» وغيرها من الموروثات والتفسيرات المغلوطة التي لا تمت للمجتمعات المدنية الحديثة بصلة.
المشكلة هنا بأن مشرقنا العربي بشكل عام متشرب لهذه الموروثات التي لا تساعد المجتمعات المدنية الحديثة على التطور أو التقدم، وكما قلت سلفا أن السبب هو الدعم السلطوي الحكومي، لأن من مصلحة البعض تفريق المجتمع وتجزأته للسيطرة عليه، وبالتالي السيطرة على مقدرات البلد.
وكمثال سريع، فالكويت كان التعليم مشتركا ما بين الذكور والإناث، ولكن بعد ظهور الفتوحات الإسلامية علينا – أعني الصحوة – ظهرت لنا بدعة الإختلاط وغيرها من الأمور المقرفة التي صورت لنا بأن المجتمع كان فاسدا أخلاقيا، إلا بركات الصحوة أرجعتنا إلى طريق الهداية تحت بركات ومباركة حكومتنا الرشيدة!
هذة الأمور السلبية دعمت وبشكل كبير الموروثات لدى عامة الشعب، وأصبح من الصعب إقناعه بأن للمرأة حقها المدني كامل كحال أي رجل، والخوض في هذا الحديث مع عامة الناس يسبب لهم صدمة كبيرة، ونستطيع تلمس هذه الصدمة في مواقع التواصل الاجتماعي، سواء الكتابية أو الكلامية، فهناك عراك ما بين من يطالبن بحقوقهن المدنية وعموم المعارضين الذين يأخذون موروثهم المجتمعي الديني حجة لا يحق لأي من كان مناقشتها!
في رأيي، يجب أن تكون هناك خطة حل تركز على تغيير نمط وفكر المجتمع في المطالبات النسائية على المدى البعيد بشكل مدروس، وليس الاكتفاء فقط ببعض المقالات الصحافية أو المقابلات التلفزيونية، خطة تكون مدروسة تجمع بين علماء نفسيين واجتماع إنساني وسياسيين، خطة مؤسسة للجيل القادم كي يستطيع خلق مستقبل لمجتمع يفهم ماذا يعني العيش في مجتمع مدني يؤمن بأن للمرأة نفس حق الرجل بكل شيء وبالتساوي، لأنها مواطنة لها حقوق وواجبات اتجاه الوطن.
ملاحظة:
لا أعني بكلمة «الموروث الديني» الدين ذاته.
رسالة:
إلى النسويات اللواتي يتمتعن بصوت مرتفع ولسان لم يتربى، تصرفاتكن تُنفر مناصريكم، ولسانكم البذيء لا يعني قوتكن!