
لا يمر يوم وأنا أتصفح موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» حتى تمر عليّ العديد من التغريدات الصريحة والمباشرة، والقاسية بنفس الوقت، ضد المقيمين، فتارة يتم رميهم باستغلال ثروات البلاد، وأخرى عدم الأمانة، بل حتى وصل الأمر للدخول إلى حساباتهم الشخصية ونشر صورهم الخاصة.
لقد راج الخطاب العنصري ضد المقيمين منذ فترة وعلى كافة الأصعدة، فكانت لدينا (نائبة) مجلس الأمة السابق لا شغل لها سوى التصريح بالهمز واللمز ضدهم، وتحميلهم كل الكوارث التي نعيشها! كما أن الحكومة لم تقصر حينما قامت قبل فترة قصيرة بترحيل الشاب «عبدالله» الذي عبر عن رأيه بمسألة التطعيم بساحة الإرادة بكل أدب واحترام، وقد ركب بعض الناشطين هذه الموجة متناسين حاجة المجتمع الكويتي لفئة المقيمين ودورهم بمجموعة من الوظائف التي تمس شريان الحياة، فعلى سبيل المثال مهنة التمريض يمثل المقيمون فيها نسبة ٩٤٪ بحسب احصائيات وزارة الصحة، وكذلك بالنسبة للأطباء فعددهم يفوق أقرانهم من الكويتيين بـ ٢٠٠٠ طبيبا تقريبا، وعدد المعلمون كذلك ٧٨ ألف معلما مقيم يعمل في وزارة التربية، وأغلبهم في التخصصات النادرة، كالفيزياء والكيمياء والرياضيات، ولنا أن تتخيل مهن مهمة أخرى، كالحلاقين وأصحاب الياقات الزرقاء من الفنيين بمختلف تخصصاتهم وعمال البناء والعمالة المنزلية، وحتى «غسالي الموتى»، كل هؤلاء لن نستطيع أن نسير حياتنا بسلاسة وسهولة من دونهم.
ما سبق لا يعني أنني ضد تكويت الوظائف، بل أني أطالب بها، وبالذات في القطاع الخاص وذلك متى ما توفر العنصر الوطني القادر والمتمكن في أداء دوره الوظيفي، دون أن يكون ذلك تطفلا على حياة الناس الخاصة ونشر صورهم وخصوصياتهم ومحاولة إظهارهم بصورة بخلاف الواقع.
إن انتشار خطاب الكراهية بين أفراد المجتمع له تبعاته الخطيرة على المجتمع، وعلى سمعة دولة الكويت، حيث تم تصنيفها أخيرا بأنها من الوجهات السيئة للمقيمين.
حل هذه المعضلة لا يحتاج إلى استيراد أي فكرة تدحض هذا السلوك، فلدينا دستور عظيم، فيكفينا الالتفات نحوه وقراءته وفهمه وتطبيقه فقد ذكرت المادة ٢٩ منه: «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو اللغة أو الدين». ونلاحظ أن المشرع ذكر كلمة «الناس» ولم يقتصرها على المواطنين، وهنا يتبين لنا أن المشرعين والآباء المؤسسين آمنوا بأهمية التعايش وتقبل الآخر مهما اختلفنا عنه واختلف عنا مادام لم يخالف اللوائح والقوانين التي يجب تطويعها لنبذ فكرة العنصرية،
وهنا ندعو صراحة لإلغاء ما يسمى بـ«الإبعاد الإداري» ونقل سلطته الحالية غير العادلة من وزارة الداخلية لتقتصر على القضاء الاداري فهو من يحدد هذه المسألة.