علي حسين العوضي | مرة أخرى: «الحرية» و«الرأي»

علي حسين العوضي

(1)

لم تكد الأمور تهدأ بعد اعتقال الناشط السياسي جمال الساير ومن ثم الإفراج عنه بعد تحديد يوم 5 أكتوبر 2021 موعدا لبدء إجراءات التقاضي والمحاكمة، حتى طفت على السطح مجددا قضية رأي أخرى، وهذه المرة باعتقال الناشط والمغرد ناصر دشتي بعد اتهامه بنشر تغريدة تحمل ازدراء على الأديان بحسب ما توارد في العديد من الحسابات على تويتر, ومن‭ ‬ثم‭ ‬الإفراج‭ ‬عنه‭ ‬لاحقا‭ ‬بكفالة‭ ‬مالية‭.‬

وبغض النظر عن أية أمور أو ملابسات أخرى، فإن مسألة الاعتقال لرأي تستوجب التوقف أمامها طويلا، بالإمكان استدعاء أي شخص وفق الاجراءات القانونية، ولكن السؤال المهم: لماذا تكرر عملية الاعتقال؟

ولكن ما يؤسف أن التفاعل السياسي سواء من النواب الذين ثارت حميتهم على الناشط جمال الساير سقطوا في اختبار الناشط ناصر دشتي، والتنظيمات السياسية الدينية سقطت هي الأخرى، وكذلك تنظيمات أخرى حملت رايةالحرية للرأي، فيما استمر المنبر الديمقراطي الكويتي والحركة التقدمية بموقفهما المبني على ثوابت ومبادىء أساسية في الدفاع عن حرية الرأي والفكر.

وأخيرا، إن الاختلاف في الاتجاهات والمواقف هو أمر ومسلك طبيعي، لا يتطلب الجزع والخوف منه، بقدر فهمه والتعامل معه لتصحيح الأخطاء والوصول إلى واقع أفضل.

(2)

بتاريخ 16 أغسطس 1995، صدر تقرير لجنة تقصي الحقائق عن موضوع الغزو العراقي الغاشم عن دولة الكويت، وهو تقرير شمل 3 جوانب أساسية توضح الحالة الكويتية خلال الفترة التي سبقت الغزو العراقي في الثاني من أغسطس 1990، وهذه الجوانب هي: السياسية والعسكرية والمالية. 

وقد نشر تقرير اللجنة، التقرير السياسي، لأول مرة في صحيفة الطليعة الكويتية، ثم نشر تباعا وتواليا في السنوات الأخيرة في عدد من الصحف والوسائل الإعلامية المختلفة.

ودون الدخول في تفاصيل كثيرة حيال محتوى هذا التقرير، فإن الأسباب الواردة في نهاية الجانب السياسي حول أداء الحكومة في تلك الفترة، جاء من بينها: «خامساغيبت المشاركة الشعبية والرأي العام وتعمدت إخفاء أخبار الأخطار العراقية في أجهزة الإعلام الرسمية».

وهذا يعني أن حرية الرأي والمشاركة الشعبية تدفعان لصالح حماية المجتمع من أية أخطار خارجية، وتدفع على مواجهتها وصدها.

وهذا جانب مهم في موضوع حرية الرأي وتعدده.

(3)

هناك أمر آخر لا يقل أهمية عما ذهبت إليه لجنة تقصي الحقائق، فالمواد الدستورية واضحة بهذا الشأن، وتؤكد على هذا الحق، يضاف إلى ذلك ما جاء في المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي حول أهمية الرأي وحريته، فجاء فيها: «ومن وراء التنظيم الدستوري لمسئولية الوزراء السياسية، توجد كذلك وبصفة خاصة رقابة الرأي العام التي لا شك في أن الحكم الديمقراطي يأخذ بيدها ويوفر مقوماتها وضماناتها، ويجعل منها مع الزمن العمود الفقري في شعبية الحكم. وهذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفيء على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية، فتكفل لهمإلى جانب حق الانتخاب السياسيمختلف مقومات الحرية الشخصية (في المواد 30، 31، 32، 33، 34 من الدستور) وحرية العقيدة (المادة 35) وحرية الرأي (المادة 36) وحرية الصحافة والطباعة والنشر (المادة 37)، وحرية المراسلة (المادة 39) وحرية تكوين الجمعيات والنقابات (المادة 43) وحرية الاجتماع الخاص وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات (المادة 44) وحق تقديم العرائض إلى السلطات العامة (المادة 45) وفي جو مليء بهذه الحريات ينمو حتما الوعي السياسي ويقوى الرأي العام، وبغير هذه الضمانات والحريات السياسية، تنطوى النفوس على تذمر لا وسيلة دستورية لمعالجته، وتكتم الصدور آلاما لا متنفس لها بالطرق السلمية، فتكون القلاقل، ويكون الاضطراب في حياة الدولة، وهو ما اشتهر به النظام الرياسى في بعض دول أمريكا اللاتينية، وما حرص الدستور على تجنبه وتجنيب الكويت أسبابه».

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *