(1)
الرحيل المفاجئ
هو أجمل هدية نقدمها لأنفسنا..
كي نختصر بها مسافات
الألم و الإحباط و الفشل..
حين نشعر بأن كلماتنا لا تصل إليهم..
إذا قررت من أجلهم الجري يوما
أو فكرت في الطيران..
أو حاولت السباحة نحوهم..
فاصطدمت أو سقطت أو غرقت..
فعندها فقط..
انتعل الرحيل عنهم بلا صوت..
(2)
حين تكتشف
أن الزمان ليس زمانك..
وأن المكان لم يعد لك..
والأحاسيس قد تغيرت..
وأن الأشياء حولك لم تعد هي هي..
وأن مدن أحلامك ما عادت تتسع لك..
عندها.. لا تتردد
بركوب الرحيل بلا عودة..
(3)
عند الرحيل..
لا تضِع وقتك في البحث في أحشاء اللغة..
لانتقاء كلمات الحب والاعتذار..
أو حتى الوداع..
فكل الكلمات التي تولد لحظة الفراق..
إنما هي مجرد محاولات فاشلة..
لتبرير وتفسير هروبك..
وضعفك..
(4)
عند الرحيل أيضا..
يغلق البعض في وجهك..
كل أبواب الرحيل
لأنه يحبك..
أو اعتاد عليك..
ظنا منه أنك أحد ممتلكاته الشخصية..
والبعض الآخر..
يعترف لك بحبه عند الرحيل..
كي يبقيك معه..
ويكتشف البعض منهم..
أنه يحبك بعد الرحيل..
فيحترق ويحرقك باكتشافه المتأخر
(5)
حين تقرر الرحيل..
لا تدفن رأسك في الرمال
كالنعامة..
كي لا تلمح وجود أولئك الذين أحبوك بصدق..
وراهنوا على بقائك معهم..
فخذلتهم برحيلك..
فلا تبكِ بصوت مرتفع كطفل..
كي يصل صوتك لأولئك..
الذين أحببتهم بالصدق ذاته..
فخذلوك..
(6)
اترك المساحات خلفك بيضاء..
وشاسعة لهؤلاء وهؤلاء..
كي يمارس كل منهم طقوسه..
حنينه إليك بطريقته الخاصة..
وتأكد..
مهما كان لون أو شكل..
حجم صمتك عند الرحيل..
فلرحيلك صوت..
قد تسمعه كل الكائنات..
لكنه لن يلومك أبدا..
ولن يصل إلا لأولئك
الذين يشكل لهم وجودك..
شيئا من الوجود..
(7)
للرحيل أكثر من نافذة وباب..
تراودني كثيرا فكرة:
الرحيل بلا أجنحه..
والطيران بعيدا
عن كل الأشياء..
وإحكام إغلاق أبواب ونوافذ العودة..
والبدء من جديد.. في عالم جديد.