غادة العتيبي | بين حين وحين

(١)

بين حين وآخر.. 

يكون هنالك صوت ينبع من القلب.. 

لا بل تكون صرخات اشتياق ! 

لشخص غادر منذ أمد بعيد 

لشخص غادر وترك قلبا متعلقا به.. 

لشخص غائب.. 

هيهات هيهات.. 

وكأنني سقطت من جنة النعيم 

إلى أرض الشقاء 

أو كأن بوصلتي وقعت

تحت مجال مغناطيسي يشدني للغروب.. 

لمتاهات مسدودة وسبل مقطوعة..

منذ ذلك الحين 

وجدتني في زمن أجوف 

سحق حيّز الوجود 

أكرم نزلاء الحزن وأحسن ضيافة الوجع 

فقدت صلاحية الاختيار 

ولم أجد أمامي سوى تشريع نوافذ الخيال 

أقمتُ صروحا من الوهم 

لزمت عشاش أحلام معربدة في صدري 

تقوقعت محراب حرفي 

أنظم القوافي على جيد الأمس 

أغمس ريشتي في عمق قلبي 

وانثر شتلات البوح من خلف قلاع الروح الهامدة 

خربشة أمنيات فوق غيوم مسافرة 

وتجسيد آمال.. 

فوق ذرات هواء في زوبعة عابرة

(٢) 

بت أجيد ترجمة الصمت في أودية الصدى 

أتقن فن اجتثاث شهقات الوجع 

ارتداء الأقنعة واعتناق الفراغ 

ربما حان الوقت لكي يقسى القلب وينسى من كان يحبه 

ينسى شخص كان بالنسبة له الدم الذي يضخ إلى القلب 

كان بالنسبة له حياة.. 

كان بالنسبة له كل شيء.. 

كان  لي سماء تظلني، أرض تحتويني 

ردآء يدفيني، كان لي مأوى.. 

كان وكان وكان.. 

متى يكون للكائن ما كان؟! 

ويعود لي سيد المكان..؟! 

أيا سيد الغياب لما تطيل الاختفاء؟! 

ألم يأن الوقت للعودة.. 

(٣)

لم أعد احتمل.. كفى 

كفى ما ذهب من الدمع شوقا 

كفى ما انقضى من العمر منتطرا 

كفى ما انجلت من الأيام حنينا 

كفى.. 

بين حنين للماضي وأنين من الحاضر..! 

أقطن هناك.. 

في عتمة الليل، وفي فوضويتي، وحول دموعي المتساقطة.. 

في هدوء قتلني.. ووقوفي المتكرر على سكة الانتظار 

سأغادر ولن يكون هنالك انتظار جديد.. 

سأغادر ولن يكون هنالك عودة  

سأغادر.. 

حينها سأغلق شرفة الأمل وشرفات الانتظار 

وأغلق أبواب الحنين .. 

سأخفي أرض الاشتياق.. 

سأنهي عالم الهوى.. سأبعثر سماء العاشقين.. 

سأمحو ذكريات الماضي.. 

(٤)

سأكون ما أكون حينما أكون..! 

ربما تكون هذه النهاية..! 

أربت على كتف الذاكرة قليلا 

أهدهد كوابيسا تعاني من أرق مزمن 

وأطلق طوابير الرؤيا 

أحرر النفس و أغمض عين الشوق 

أجهض أجنة أوجع 

بكل ليلة أتناسى 

في كل صباح ومساء يقطنني حزن 

لشيء زال وانمحى من مخيلتي.. 

آه يا ذكرى موجعه.. وحظ أصبح بالحظيظ!

شاهد أيضاً

«القلم المتميز» يحتضن نخبة من الكُتّاب الشباب.. بصمات يافعة تشق طريقها

شهدنا في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة الكُتاب الشباب الذين اخترقوا الساحة الأدبية والشعرية بروايات تركت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *