
إن من أهم وسائل الحماية للأوطان يكمن في تعاون إرادة الأنظمة والشعوب نحو خيارات الإصلاح الجادة والحقيقية، والقادرة على إنهاء كل أشكال التأزمات والتوترات التي تكلف الأوطان أثمانا باهظة جدا ومآلات مرهقة ومدمرة .
شعار السلام وشعار الإصلاح، وشعار بناء مستقبل، شعارات باتت تمثل حلما لدى الشعب الكويتي، كنا في السابق نسمع بها ونقرأها وإن لم تتحول إلى أفعال وممارسات، فما عادت هذه الشعارات قادرة على التمركز والتحرك في زحمة موجات الصراع التي تحدث بين الحكومة ومجلس الأمة.
المسألة مرتبطة بالأساس على التعاون بين السلطتين (التنفيذية والتشريعية) واحترام إرادة الشارع الكويتي تحت مظلة الأمير، وترك جميع المشاحنات المرتبطة بالأشخاص، والعمل على محاسبة كل من السلطتين بالأدوات الدستورية التي تكفل حقوق الشعب الكويتي، ،وهذا وليس عسيرا على الحكومة الكويتية وشعب مخلص، وبتوفر خيارات صالحة يتم التوافق عليها من أجل حماية الوطن وأمنه واستقراره وازدهاره، ومن أجل مواجهة تداعيات مرحلة في غاية الصعوبة والتعقيد، وتحمل أخطارا معبئة باليأس والضياع.
فيجب على الحكومة وأعضاء البرلمان تحديد آليات الإصلاح السياسي ووسائله، وتحقيق أهداف عملية الإصلاح من خلال خطة شاملة، وتوضيح دور القوى السياسية في عملية الإصلاح، إضافة لتحديد المعوقات التي تواجه عملية الإصلاح السياسي في الكويت وسبل التعامل معها، ومعالجتها، للوصول بهذه العملية إلى الأهداف المرجوة منها، خصوصا أن الجهود الإصلاحية في الكويت لاتزال بحاجة إلى المزيد من العمل والتطوير، للوصول إلى النموذج الديمقراطي السليم وخاصة في ظل التوترات والخلافات المستمرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت، فالممارسة الديمقراطية ليست حديثة العهد على المجتمع الكويتي، وإنما هي موجودة واقعا وممارسة منذ قيام الدولة ونشأتها من خلال تطبيق الممارسة الديمقراطية ومفهوم الحكم المشترك بين الحاكم و المحكوم، وقد شهدت الكويت خلال فترة زمنية معينة تطورات واضحة على صعيد الإصلاح السياسي والتغيير في المجتمع، إلا أن جهود الإصلاح لاتزال تعاني العديد من السلبيات التي تعيق المسير قدما في العملية الإصلاحية.
ويمكن اعتبار فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء، و قانون تجريم الانتخابات الفرعية، و قانون المطبوعات والنشر و قانون المرئي والمسموع، وسقوط قانون التجمعات، وأزمة الدوائر الانتخابية، والحقوق السياسية للمرأة الكويتية، من أهم القضايا التي شكلت المحاور الأساسية لعملية الإصلاح السياسي والتغيير.
ومن أهم المعوقات التي تواجه عملية الإصلاح السياسي في الكويت تلك المتعلقة بطبيعة النظام السياسي، مثل عدم توافر الإرادة السياسية وضعف مستوى المؤسسية داخل النظام السياسي، وكذلك المعوقات المتعلقة بطبيعة المجتمع الكويتي، مثل عدم وجود معارضة سياسية منظمة وغياب الأحزاب السياسية، وغياب فعالية مؤسسات المجتمع المدني، وضعف الثقافة الديمقراطية، وأخيرا عدم التوافق على المفهوم الديمقراطي.
فكلما تضافرت وتآزرت الجهود المخلصة والصادقة والرشيدة في البحث عن حلول قادرة على النجاح والاستمرار، كان ذلك هو السبيل لحماية الوطن وصيانة البلاد، فهي تهيئ المناخ من أجل إنتاج أوضاع صالحة متحررة من عوامل التأزيم، وبقدر ما تكون الحلول والمعالجات للأزمات محصنة كل التحصين ومسيجة كل التسييج، تملك القدرة على البقاء والثبات والاستمرار، أما إذا كانت هذه الحلول والمعالجات تحتضن في داخلها فراغات ونواقص فسوف تكون مهيأة لإنتاج أزمات من جديد، وربما تكون هذه الأزمات أسوأ وأعقد وأضر وأصعب.
فكم من الضروري في هذه المرحلة العمل على إيجاد تشريع يقضي على الفوضى السياسية في الكويت، وذلك من خلال قانون للأحزاب السياسية ينظم العمل السياسي في الكويت، وتعديل النظام الانتخابي فيما يتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية، و ذلك من خلال جعل الكويت دائرة انتخابية واحدة، وضرورة الالتزام بالدستور وعدم الخروج عليه، إذ هو صمام الأمان للمجتمع الكويتي، والعمل على تطويره وتعديله باتجاه توفير المزيد من الحريات، كما تنص عليه المادة 174 من الدستور، والعمل على زيادة الأدوات الديمقراطية بحيث يبقى الشعب مصدر السيادة، واستحقاق مشاركته بصنع القوانين عن طريق أساليب مختلفة من العمل الشعبي، مثل الاستفتاء الشعبي بنوعيه: الاقتراح والاعتراض على القوانين، والحق بعزل الناخب وحل مجلس الأمة .
وهذا لن يكون الا بتكاتف وتضافر السلطتين التشريعية والتنفيذية تحت ظل قيادة صاحب السمو امير البلاد.