سؤال بديهي قلما يطرحه المعنيون على أنفسهم، أو ربما يكونون قد طرحوه على الهامش، لا أكثر. السؤال هو: كيف نمتلك فن مخاطبة

الرأي العام؟ وكيف ننطلق من ذلك إلى بناء الثقة، ولو بعد حين.
يشار هنا إلى أن المخاطبة لا تكون دفعة واحدة، أو بأسلوب نمطي أو إقصائي، أو غير قادر على إحداث تأثير في المتلقي.
وطالما نحن لا نزال في القسم الأول من العام 2021 فقد يصح القول أن علينا مخاطبة الرأي العام (أو، على الأقل، المعنيين بمسألة معينة)، مرات عدة وبوسائل متنوعة ومبتكرة، حتى تمر أشهر معينة نكون قد بنينا فيها الثقة وتم كذلك إرساء قواعد التعاون، أو أسس التفاهم بعيدا عن المصاعب أو العراقيل أو التشنجات المتبادلة في هذا الملف أو ذاك.
وفي الإطار الوطني، لماذا لا يكون العام الحالي بمثابة مرحلة تقييم ننتقل فيها إلى الحوار المفصل والدراسة المتأنية لأفكار كل من المعنيين (أو كل من الطرفين عند الحاجة)، تاركين جانبا هذا أو ذاك من عوامل الخلاف والفرقة، ومن أسباب التوتر و«التصعيد».
ولابد من القول، أن قوة المشهد – وفعالية الانفتاح على الآخر – تفرض نفسها عند بروز دور شباب مطلع على الملفات المطروحة، والمعالجات المطلوبة، فيكون هناك مجالا للتواصل والانفتاح على الآخرين.
وفي عودة إلى ما شهده العام 2020 والأشهر الأولى من العام الحالي من أحداث ومناقشات وتحديات، محلية وإقليمية ودولية، فلابد من القول: أن كثيرا من السلبيات أو من سوء التقدير سببها عدم مخاطبة الرأي العام على النحو الصحيح، أو عدم فتح باب الحوار بما يؤمن التفاهم على حل المشاكل، ولو بعد أشهر كاملة.
فما حصل هو أن بعض التناقضات قد حصلت في التعاطي «التوجيهي» أو الإعلامي مع ملفات مختلفة، ما جعل الحوار يتعثر، والرأي العام الواسع يحتار فيما سيفعله من أجل درء المخاطر ومنع تدهور الأوضاع.
ومن هنا أصبح لزاما علينا ضرورة جعل هذا العام بمثابة مرحلة تقييمية، يجري فيها الإنتقال إلى حسم المواقف والملفات.
لكن بعض الملفات «العالقة» لا يمكن أن تنتظر أشهر أخرى، فلابد من الإسراع في بناء الثقة وتفعيل الاستحقاقات الوطنية، ووضع الوعود أمام حالة التطبيق، وترسيخ القناعة بأن الانقسامات سيوضع لها حل، والخلافات ستأخذ طريقها إلى الانتهاء وطاولة الحوار.
فلا حاجة إذن إلى مزيد من الانشقاقات داخل المشهد المحلي، أو مزيد من الانتظار والترقب، فلا منفعة من إفشال المبادرات الوطنية ومساعي التوافق.
الثقة السياسية بوابة الاستقرار الداخلي، وقيمة أخلاقية ووطنية، يجب الدفع بها إلى أعلى المراتب في سلم الأولويات، وفي العلاقة بين المواطن ومؤسسات صنع القرار .