فوزية أبل | ثقافة المراجعة !!

فوزية أبل
فوزية أبل

من الأخطاء السياسية اعتبار المراجعة بمثابة تنازل دراماتيكي عن المبادئ، وأن مواكبة الظروف المتغيرة هي نوع من الانتهازية أو نوع من الانهزام.. فالوقائع تؤكد ضرورة القيام بمراجعة واعية كلما اقتضت الضرورة.

قد لا يكون هناك عدو دائم وصديق دائم، وقد يكون التنازل في جوانب معينة إنقاذاً لوطن مهدد بالإرتباك، هو السبيل إلى حفظ إستقرار الوطن ومؤسساته.. وهو السلوك السياسي المطلوب بالنظر للوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد. وحتى لا نكون في مهب خيارات ردود الأفعال ومستجدات الواقع المتقلب.

قد يكون هناك تعرض للخسارة لأسباب شتى، لكن الدوران في حلقة مفرغة والبكاء على الأطلال ليس هو الحل.

فلا بد من إتقان أسلوب المناورة، وإشراك المواطن في الخيارات المطروحة، بعيداً عن المزايدات الرخيصة ولغة الضجيج وعن التشبث بالموقف بذريعة أن التراجع يفتح بابا للهزيمة.

فعلى النقيض تماما، إن التحلي بثقافة المراجعة وإتقان المناورة قد يكونان السبيل الوحيد إلى تفادي الفشل.

ومما يجب أن ننوه إليه أن المراجعات والتقييمات، سنّة كونية من فطرة الإنسان، إذ لا بد من وقفة مع الذات أو الآخر، بعد كل فترة أو مرحلة، ليصار إلى وضع مجريات الأحداث في ميزان العقل والمنطق، وضمن حسابات الربح والخسارة، بهدف تصحيح المسار  إن كان خاطئاً، أو تعزيزه في حال أثبتت المراجعات صحة مسيره ونتائجه.

كما يجب أن نؤكد أن للمراجعات أصلاً في التاريخ الديني والسياسي، ولسنا في هذا المجال في إطار فتح صفحات الماضي للتدليل على ذلك، ولكننا نريد أن نوصل ونؤصل فكرة أن هذه المراجعات ضرورية في حياتنا، ونحن ننشد الأفضل في هذه الحياة ونتلمس الصواب في كل خطوة نخطوها.وإزاء ذلك نرى إننا بحاجة إلى تفكير متعقل، بعيداً عن تعصبات ومناكفات سياسية لن تزيد مشهدنا إلا تعقيداً وتأزيماً، فالساحة المحليةكما يشهد الجميع ويشاهدونوصلت إلى مرحلة من الاحتقان السياسي الذي يفرض تلك المراجعات فرضاً من طرفي المعادلة، فلا الحكومة كانت على صواب في كل سياساتها، ولا المجلس أصاب في كل مواقفه، ومن هنا لا بد من مراجعة صادقة، تقوم على تقييم وطني شامل بوقفة صادقة مع النفس، ليراجع كل طرف ما قدمه للمواطن، وهل أصاب الأولويات التي وضعت له في ظل ظروف بالغة التعقيد، زادت من صعوبتها جائحة كورونا وتداعياتها.

المهم في المراجعات أيضا أنها تعكس حالة بشرية بامتياز، فنحن نقوم بصياغة السياسات والقوانين ثم يجب أن نقوم لاحقا بشجاعة  وجرأة بمراجعة هذه السياسات والقوانين، إذا ما أردنا خير المجتمعات ونموها وتطورها.

وغني عن القول أن المراجعات المستمرة تثبت متابعتنا كمعنيين ومختصين بأحدث التطورات في مجال ما، وبالتالي العمل على الاستفادة من تلك التطورات في العمل الوطني بمختلف قطاعاته.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *