فوزية أبل | كيف تتغير خريطة الانفاق.. وفقه الأولويات بعد كورونا؟

فوزية أبل
فوزية أبل

الإجابة عن التساؤل في عنوان المقال تحتاج إلى استعراض الموقف خلال الفترة الماضية، بعدما عاصر الوطن العربي أخطر وباء على مدار ما يزيد عن مائة عام، من حيث سرعة الانتشار وأعداد المصابين والمتوفين نتيجة العدوى التي سببها كوفيد 19، أو كورونا المستجد كما تسميه وسائل الإعلام.

إن ما يجب الاتفاق عليه في كل بلاد الوطن العربي، بل والعالم أجمع، هو السعي نحو تغيير خريطة الإنفاق، وترشيدها وتصويب مسارها، ووضعها على الطريق الصحيح، بعدما كشف وباء كورونا ما لحق بالأنظمة الصحية من ضعف وتهاوى، تجلت نتيجته في تكدس المرضى في المستشفيات وغياب العلاج ونقصه في العديد من البلدان، وندرة المستلزمات الطبية والمواد الوقائية، إلى جانب المعقمات والكمامات وغيرها من وسائل مكافحة العدوى، التي لم ننتبه لتوفيرها بصورة دائمة إلا بعد مرورنا بهذه الأزمة الشرسة.

لقد كشفت أزمة الفيروس المستجد الحاجة الشديدة إلى الاهتمام بالمؤسسات الطبية والعلاجية بصورة فعالة، والحاجة إلى تقييم أنظمتنا الصحية وتطويرها بصفة مستمرة، حتى نضمن الحفاظ على أرواح الشعوب، ونضمن مستوى رعاية صحية أفضل لهم.

لذلك علينا تحديد أولويات مختلفة للإصلاح في الفترة الحالية والمقبلة، تعتمد على فقه الأولويات، والوعي بين ما نريد وما نحتاج، فما نريده قد يكون من باب الرفاهية أو الترف، بينما ما نحتاج يجب أن ننظر إليه من باب الضرورة أو الأولوية.

فعلينا أن نختار بين المول أو المستشفى، الفندق الضخم أم المركز الطبي، مشروع تجاري ترفيهي أم مراكز العزل الطبي والنقاهة، مركز تجاري للتسوق الفاخر أو حدائق عامة ومساحات خضراء، خصوصا بعدما فرضت علينا كورونا تداعيات جديدة وواقع مختلف يحتاج إلى التفكير خارج الصندوق، وإعادة حساباتنا بصورة تتلاءم مع القادم، الذي لا نعرف نتائجه ولا نملك لمواجهته سوى استعداد جيد وتنظيم عال المستوى، مع الأخذ بكل وسائل وأساليب العلم الحديثة التي تنفع الناس وتمكث في الأرض.

الفرصة سانحة أمام كل دول المنطقة لتعيد حساباتها، وتغير خريطة إنفاقها بما يخدم مواطنيها وسكانها بالصورة اللائقة، حتى لا تتكرر مشاهد عدم قدرة المستشفيات على استقبال المواطنين، أو عجز الأنظمة الصحية عن توفير العلاج والرعاية اللازمة للمرضى.

الأمر يتطلب جهدا منظما وتعاونا كبيرا، وتفكيرا جماعيا وحلولا عملية، حتى نجني من هذه الأزمة ما ينفع أمتنا ويحافظ على ثروتها البشرية، التي تعد أغلى ما نملك. 

لذلك دعونا نفكر في تغيير خريطة الإنفاق ونضع أجندة مختلفة للفترة المقبلة، تعتمد بصورة مباشرة على استراتيجية النهوض بالبشر في كل المستويات، لضمان مستقبل أفضل لأبنائنا.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *