فوزية أبل | وافدو الـ60 عاماً… تداعيات تطغى على غايات القرار

فوزية أبل
فوزية أبل

لا تخطئ عين الزائر لسوق المباركية، على سبيل المثال لا الحصر، الحيرة والهواجس التي تسيطر على بائعي البسطات، بمختلف أصناف موادها الغذائية، ولاسيما أولئك الذي اجتاز بهم قطار العمر محطة الـ60 عاماً. تلك الحيرة التي يدرك أسبابها على الفور من يتعاطى مع الشأن المحلي، سياسياً وإعلامياً، حيث قرار هيئة القوى العاملة بمنع تجديد إقامات تلك الفئة ممن لا يحملون شهادات عليا، وهو قرار أحدث «ربكة» في سوق العمل من جهة، وبين صفوف الوافدين من جهة أخرى.

فالقرار المتخذ يدخل ضمن جهود الدولة لتعديل التركيبة السكانية التي برز الخلل فيها جلياً مع جائحة كورونا، وما كشفته من مشكلات اجتماعية وأمنية خطيرة، كانت تتفاقم دون أن يسلط عليها الضوء، وأبرزها ملف الاتجار بالبشر والإقامات، وغسيل الأموال.

وبعيداً عن الخوض في القرارات الكثيرة التي صدرت خلال «سنة كورونا» فإننا سنقصر حديثنا على قرار عدم تجديد إقامات من بلغوا 60 عاماً ممن يحملون شهادات ثانوية فما دون. فالقراركما أسلفنادخل ضمن جهود تعديل التركيبة السكانية، ولقي تجاوباً شعبياً في بعض جوانبه، وهو تجاوب لديه وجهة نظر مبررة، تقوم على أن المواطن في الوقت الحالي يعاني من أزمة في إيجاد وظيفة، ويعاني من أزمة في ضعف الخدمات الصحية والضغط الذي تواجهه، ويعاني من أزمة ازدحام في الشوارع تمنع وصوله إلى غايته بالسرعة المطلوبة، وغير ذلك الذي يرون سببه تضخّم أعداد الوافدين في الكويت، وهذا سبب وجيه، وله حجيّته المقبولة التي تبرر تأييد القرار.

ولكن في المقابل، فإن للقرار انعكاسات سلبية، سواء على الفئة المستهدفة، أو غايات القرار في تعديل التركيبة السكانية ومواجهة البطالة بين صفوف العمالة الوطنية.

القرار يستهدف فئة معينة، الغالبية العظمى منها تعمل في مهن متدنية ليست ضمن خيارات المواطنين للعمل.

الفئة المستهدفة من القرار تمثل مجموع خبرات تكوّنت على مدى السنين، وأصبحت ضرورية في مجالات عمل هؤلاء العاملين، وليس من السهل تعويضها، وخاصة في مهن تحتاج إلى صبر وأناة كبار السن، ولمساتهم الإبداعية التي صقلتها التجارب.

أصحاب العمل يرون في هذه الفئة مصدر ثقة وأمان في العمل، وتشكل لهم عنصراً مهماً وضرورياً في منشآتهم ومصالحهم، لذلك سيكونون أول المتضررين، ومن أجل ذلك تحركوا لإيجاد حل وسط مع هيئة القوى العاملة.

من الناحية الاجتماعية، سيؤدي القرار إلى شرخ اجتماعي في صفوف العائلات المقيمة، عندما ستضطر إلى التخلي عن أحد أفردها، فما بالك إذا كان هذا الفرد هو عميدها وكبيرها؟ 

أضف إلى ذلك أن شريحة كبيرة من فئة الـ60 عاماً أمضت من عمرها أغلبه، إن لم يكن كله في الكويت، وبالتالي ارتبطت بهذا الوطن نفسياً وجسدياً، فهؤلاء ليس لديهم في وطنهم أي وظيفة أو عمل، وبالتالي لن يستطيعوا العيش هناك، هذا كما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الحالة الأمنية والسياسية المضطربة لبلادهم، وهي حالة ستزيد من معاناتهم.

من الضروري إيجاد صيغة مناسبة، توازن بين غاياته وأهدافه، ومصالح تلك الفئة، ويراعي الهواجس الوطنية المتعلقة بالتركيبة السكانية والخدمات.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *