في ذكرى «الطليعة»: حتى لا ننسى تاريخنا الوطني

بقلم/ علي حسين العوضي 

في عام 2005 انتسبت إلى أسرة وهيئة تحرير جريدة الطليعة كمسؤول عن الصفحة الطلابية  والشبابية، إضافة إلى بعض المهام التي يتم تكليفي بها لكتابة بعض الأخبار أو التغطيات الصحافية في صفحة المحليات. وهذان الأمران لم يكونا عائقا بالنسبة لي للمساهمة في إعداد الصفحة الرياضية في بعض الأحيان، فقد كان الاتجاه لدي  هو الاستفادة والاستمتاع بهذا العمل الصحافي المهني بأي شكل ووسيلة خصوصا مع الفرصة الكبيرة المتاحة  أمامي من قبل القائمين على «الطليعة»، وأذكر هنا تحديدا رئيس تحريرها الأستاذ عبدالله النيباري الذي فتح المجال لي كاملا دون أي قيود.

وبعد مرور عدة سنوات، حدث متغير آخر جديد يكمن في اتصال مباشر من د. أحمد الخطيب يطلبني فيه بالتواجد السريع في مبنى الجريدة، وتحديدا في مكتبه.

بالفعل لم أتأخر في تنفيذ هذا المطلب حتى كنت في العاشرة من صباح يوم 2 فبراير 2011 جالسا أمامه والحيرة تغلفني، إلا أن ابتسامة من الدكتور بددت كثيرا من المخاوف ليسلمني كتابا مذيلا بتوقيعه بتكليفي كمدير لتحرير «الطليعة»، وأن أبدأ مهامي فورا مع تقديم كافة التسهيلات لما سأحتاج إليه لعمليات التطوير.

هذه المهمة امتدت من ذاك التاريخ حتى صدور آخر عدد من «الطليعة» في 23 مارس 2016، فكانت خمسة سنوات مليئة بأمور كثيرة وتحديات أكبر في الحفاظ على هوية مؤسسة صحافية لها صفة محددة ومعينة لا تحيد عنها، وهي أنها  تمثل اتجاه ومسار الحركة الوطنية الديمقراطية الكويتية.

ورغم صعوبة مثل هذه المهمة، فإنها في المقابل كانت تحمل بين طياتها طابعا مختلفا عن بقية الصحف الأخرى، كما أن هذه التجربة كانت من الناحية العملية التصاقا بالاتجاه والمسار الذي أنتمي إليه، وحمل تطلعاته للمجتمع الكويتي.

وهكذا كانت المسيرة مع جريدة الطليعة، 

بعد سنوات من التوقف التي تجاوزت السنوات الخمسة، تزيد قليلا بحساب الأيام والشهور، نعود اليوم لاستذكار جريدة الطليعة لأننا نعيش ذكرى انطلاقتها عندما صدر العدد الأول منها قبل ٥٩ عاما، وتحديدا في 13 يونيو 1962، حتى لا تنساها الأجيال القادمة، فتاريخ هذه الجريدة يكاد زن يكون هو تاريخ الحركة الوطنية الكويتية، وبرنامجها هو برنامج الشعب في مطالباته بالإصلاح الديمقراطي والسياسي.

وفي عام 2012 أصدرت جريدة الطليعة بمناسبة الذكرى الخمسين لها كتابا وثائقيا يحكي من خلال رموزها وعدد من الشخصيات مسيرتها الممتدة.

مكانة متميزة

د. أحمد الخطيب
د. أحمد الخطيب

يقول د.أحمد الخطيب: «عندما وصلت الحركة الوطنية إلى مجلس الأمة التأسيسي بعد استقلال الكويت جاءت الطليعة كوريثة شرعية لصوت جميع الوطنيين، إلا أنها مرت بصعوبات جمة خصوصا في الفترات التي تتعطل فيها الحياة النيابية».

ويستذكر الخطيب قرار تعطيل الطليعة عام 1968 عندما نشرت مقالا بعنوان «لماذا أجهضت التجربة الديمقراطية في الكويت؟» يتحدث عن أحداث انتخابات 1967.

ويضيف: «لقد احتلت جريدة الطليعة مكانتها المميزة عند جميع الشرفاء في الكويت وخارجها، وربما هي الصحيفة الوحيدة التي صمدت قبل توقفها أمام التعديات والمغريات، وأصبحت كما أصبح البرلمان الكويتي المكانين الوحيدين المعبرين عن طموحات هذا الشعب الكويتي والعربي».

اللقاء الأول

أحمد النفيسي
أحمد النفيسي

أما النائب السابق ورئيس تحرير الطليعة سابقا أحمد النفيسي، فيقول: «مكثت في الطليعة أكثر من خمسين عاما، ومر عليّ العشرات من الكُتاب أو الشباب الذين جاءوا يساهمون أو يعبرون عن أنفسهم في الطليعة، وقد كان هناك الكثيرون من المبتدئين الذين قضيت معهم وقتا طويلا أصحح ما يكتبون وأقوّم أسلوبهم».

وحول بداية علاقته مع الطليعة يستذكر أحمد النفيسي لحظات اللقاء الذي تم بينه مع فيصل سعود الفليج بعد عودته في ربيع عام 1963 من الولايات المتحدة، ودعوة الأخير له لمتابعة إصدار الجريدة من مطبعة المقهوي، وحينها تلقى دعوة لحضور اجتماع أسرة الطليعة في اليوم التالي حيث كان الاجتماع في ديوان سعود الفليج في منطقة الفيحاء وحضره د.أحمد الخطيب وعبدالرزاق الخالد صاحب الامتياز ورئيس التحرير حينها، وسامي المنيس ومحمد خالد (الأخ الأكبر للمناضلة الفلسطينبة ليلى خالد) وجاسم المرزوق، وكان هذا الاجتماع هو اللقاء الأول للنفيسي مع د.الخطيب وسامي المنيس.

وتعود ذاكرة النفيسي إلى كاريكاتير رسمه ونشر على الصفحة الأخيرة وبسببه أغلقت الطليعة لمدة عام.

وهنا يتوقف أحمد النفيسي أمام انطلاقة الرسام الشهيد ناجي العلي الذي بدأت من الكويت عام 1963 حيث كانت الطليعة حينها بحاجة إلى مخرج ورسام كاريكاتير.

كفاح شعب

عبدالله النيباري
عبدالله النيباري

ومن جانبه يرى النائب السابق عبدالله النيباري، وهو آخر رئيس تحرير للطليعة أنه عندما يتم الحديث عن الطليعة فإن الحديث يطال النظام الديمقراطي والدستوري في الكويت، وعن كفاح الشعب الكويتي للدفاع عن هذا النظام وتطويره ومواجهة المحاولات لتقويض دستور 1962.

ويقول: «عندما صدرت الطليعة جاءت لتكمل مسيرة الصحافة الوطنية، فقد كان لها سلف، وكان لها آباء، كانت هناك مجلة الإيمان ثم صدى الإيمان اللتان أصدرهما النادي الثقافي القومي في الخمسينات من القرن العشرين، وكانت هنالك جريدة الفجر التي أصدرتها المجموعة نفسها ولكن عبر نادي الخريجين آنذاك، وكانت هنالك الجماهير التي صدرت عام 1961 وأغلقت بعد صدور ثلاثة أعداد».

ويضيف: «فترة صدور الطليعة كانت مرحلة حبلى بالأحداث على مختلف المستويات، المحلية والإقليمية والعالمية، وكان العالم الثالث بمرحلة التحرر الوطني للتخلص من نفوذ الاستعمار بكافة أشكاله، وكانت الطليعة تعكس على صفحاتها متابعة تلك الأحداث إذ كانت شريكا إعلاميا، كما حظيت القضية الفلسطينية باهتمام كبير، وناصرت الطليعة حركات تحرر الشعوب في الخليج العربي واليمن.

حتى لا ننسى

بالتأكيد هناك أفرادا قدموا الكثير لهذه المؤسسة الصحافية عبر تاريخها الطويل الممتد، وساهموا فيها دون كلل أو ملل، كل في موقعه، فتاريخ الطليعة لن ينسى عبدالله البعيجاني أو محمد الغربللي أو عبدالله السبيعي أو نايف الأزيمع وناجي العلي وغيرهم

رؤساء التحرير

تناوب على رئاسة تحرير جريدة الطليعة كلا من:

عبدالرزاق الزيد الخالد سليمان أحمد الحداد سامي المنيس أحمد النفيسي عبدالله النيباري.

شاهد أيضاً

الذكرى الـ 21 لرحيل سامي المنيس

كتب علي حسين العوضي في عام 1996 كانت بدايتي في العمل الصحافي في جريدة السياسة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *