تكاد تكون وزارة الصحة هي نجم أحداث كل يوم في حياتنا خلال المرحلة الحالية بعد أن أصبحنا ننام ونستيقظ وشغلنا الشاغل جديد قرارات الوزارة، وإذا كان الواقع يجعلنا نرفع القبعة للكوادر الطبية العاملة في مختلف القطاعات الصحية منذ بدء أزمة جائحة كورونا، فإن الأمر يختلف على مستوى الإدارة الغارقة في المخالفات بحسب تقارير الجهات الرقابية التي سنفرد لها حلقات أخرى قادمة لتغطيتها.
آخر ما تفجر على هذا الصعيد كان أزمة كمامات الوزارة التي بالغت في شراء مختلف الأنواع منها، حتى أنها طلبت في بداية أزمة كورونا استيراد أكثر من مليار كمام، غير أن ديوان المحاسبة مكنها من التعاقد على 650 مليون فقط لا يزيد عمرها الإفتراضي عن 3 سنوات من تاريخ التصنيع .
وقدرت تكلفة الشراء بـ80 مليون دينار وهي تزيد بعشرات المرات على احتياج الوزارة التي يقدر استهلاكها في الأوقات العادية بنحو 400 ألف كمام شهريا.
ضعف الرقابة
ومن أزمة الكمامات إلى جملة أزمات أخرى كشفتها التقارير الرقابية، من بينها: ضعف رقابة الوزارة على تنفيذ مستشفيات الضمان الصحي المخصصة للوافدين وغياب الرؤية لديها بشأن موعد مباشرة أعمالها بسبب عدم إبرام عقد مع شركة الضمان الصحي منذ أكثر من ثلاث سنوات، وعدم استكمال الشركة المنشأة منذ 2014 لمسؤوليتها بإنشاء المستشفيات المقرر تقديم الخدمة الطبية بها، ما أدى إلى استمرار ارتفاع تكلفة الخدمات الطبية المقدمة للوافدين على خزانة الدولة، وحرمان إيرادات الوزارة من مبالغ جملتها 13 مليون دينار سنويا.
وأشار الديوان إلى ضياع مبلغ 450 ألف دينار على المال العام بعد تعذر استرداده نتيجة تراخي الوزارة ومماطلتها في تنفيذ توصيات الديوان على مدار 3 سنوات بشأن محاسبة شركة الضمان الصحي عن فرق تكلفة طباعة إشعارات تحصيل رسوم الضمان غير المزودة بعلامة مائية بالمخالفة لشروط التعاقد، ودون خصمه من مستحقات الشركة حتى انتهاء عقدها عام 2019 ودون وجود ضمانات لاسترداده.
وذكر الديوان أن عدم قيام الوزارة بتفعيل الطوابع المصدرة الخاصة بخدمات الدفع الإلكتروني والبالغ عددها 2 مليون و490 ألف طابع، قيمتها 9.5 مليون دينار يؤثر سلبا على تحصيل الإيردات المقررة رغم مرور فترة طويلة على إصدارها.
ولفت الديوان أيضا إلى وجود مآخذ شابت عقد توسعة مستشفى الأميري بقيمة 98 مليون دينار، أبرزها: قيام استشاري العقد باعتماد الأجهزة الطبية المقدمة من الشركة المنفذة بقيمة 26.5 مليون دينار دون تحديد تفصيل لها، ما يشير إلى صورية إجراءات فحص تلك الأجهزة وصعوبة تحقق الإدارة المختصة المنوط بها استلام الأجهزة الطبية من مطابقتها للمواصفات التعاقدية، فضلا عن قيام الوزارة بقبول توريد وتركيب 10 أجهزة أشعة متنقلة على الرغم من عدم توفير الشركة الموردة للعديد من الملحقات الخاصة بها، وهو ما يعيق تشغيلها على النحو الصحيح ودون اتخاذ ما يلزم من إجراءات نحو الشركة رغم مرور ما يقارب 6 أشهر على الاستلام .
إجراءات متضاربة
ولفت تقرير ديوان المحاسبة إلى تضارب إجراءات الوزارة وعدم دقتها حيال تنفيذ المرحلة التعاقدية الثالثة من العقد بقيمة 2.5 مليون دينار والخاصة باستحداث 9 غرف عمليات بالمستشفى القائم، الأمر الذي أدى إلى عدم البدء في التنفيذ رغم انتهاء موعد تنفيذها التعاقدي منذ أكثر من عامين وتعطل الاستفادة من المشروع.
ورغم ذلك قامت الوزارة بتوريد أجهزة ومعدات طبية بقيمة 2.2 مليون دينار دون تركيبها والاستفادة منها وعدم تنفيذ الأعمال المدنية اللازمة لتركيبها منذ عام 2017، ما عرضها للتقادم بفعل عدم الاستخدام.
كما تم تحميل ميزانية الوزارة بمبلغ 608 ألف دينار كويتي قيمة أجهزة موردة لغرفة التصوير «البوزتروني» في قسم الطب النووي بالمستشفى الأميري دون الاستفادة منها بسبب عدم توفير كوادر طبية متخصصة لاستخدامها.
تأخر وبطء في الإجراءات
تطرق التقرير للمآخذ التي شابت مشاريع إنشاء بعض المراكز الصحية في المحافظات، والبطء الشديد في الإجراءات التحضيرية لها، ومن ذلك: فشل الوزارة في الانتهاء من الإجراءات التحضيرية لتنفيذ مشروع إنشاء مركز العبدلي الصحي على مدار 11 عاما رغم أهميته وضعف البنية التحتية للمركز الحالي والمكون من «شبرات» يعود إنشائها لعام 1992.
ولفت التقرير إلى التأخر الشديد في إنجاز مشروع إنجاز وصيانة مبنى الحوادث الجديد في مستشفى العدان، وتراخي الوزارة عن بدء إجراءات تنفيذ مركز جليب الشيوخ الجنوبي لما يقارب من 8 سنوات رغم الحاجة الشديدة إليه.
وفي مقابل التأخر في الإنشاء، عانت الوزارة من هدر آخر تمثل في شراء أجهزة دون تركيبها، ومن ذلك قيامها بشراء أجهزة طبية بقيمة 503 ألف دينار وقبول توريدها رغم عدم جاهزية المواقع المقررة لتركيبها، ما يعرضها للتقادم التكنولوجي والتلف، وكذلك شراء أجهزة أخرى دون التحقق من جدوى الشراء ما أدى إلى عدم استخدامها، وبلغ ما أمكن حصره منها 656 جهازا في منطقتي الصباح والفروانية الطبيتين فقط، ما ترتب عليه تحميل عقود الميزانية مبالغ الصيانة رغم عدم استخدامها والحاجة إليها.