
كتب خالد العازمي
يعاني التعليم في الكويت من مشاكل عدة تعرقل المسيرة التعليمية، ومن أبرزها ضعف وجمود المناهج التربوية وعدم مواكبتها التطور، واعتمادها على التلقين دون فهم واستيعاب، فضلا عن ضعف المناهج وتركيزها على الجوانب النظرية وليست التطبيقية، والعمل وفق العقلية التربوية القديمة في عصر يتسم بسرعة تدفق المعرفة والمعلومات أو ما يسمى بالعولمة.
وأبرزت جائحة كورونا الكثير من المشاكل التربوية التي كان يتم إغفالها أو التعتيم عليها، ومن أهمها: عدم وجود خطة تربوية واضحة أو عدم تحمل الوزارة لمسؤولياتها في ظل الأزمة، وترك المعلم يواجه مصيره فيما يتعلق بالتعليم الإلكتروني والأخذ على عاتقه القيام بهذه المهمة وبذل أقصى جهده من أجل الطلبة.
وفي هذا السياق، أقام اتحاد الشباب الديمقراطي ندوة إلكترونية بعنوان «مرحلة ما بعد كورونا.. إصلاح أم بناء التعليم؟» استضاف فيها د. فاطمة الهاشم، عضو هيئة تدريس جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، والمستشارة التربوية أ. فضة المسلم وقام بإدارة الحوار عضو اتحاد الشباب علي أبو الملح.
د.فاطمة الهاشم:
المطلوب إعادة مفهوم «المدرسة» وتحقيق الاستقرار للمعلم

في البداية، أكدت د. فاطمة الهاشم على أن أزمة كورونا كشفت عن ضعف الوزارة وعدم وجود إدارة خاصة بالتعليم الإلكتروني وهذا ما دفع بمعلمي ومعلمات الحاسوب إلى أخذ هذه المهمة على عاتقهم والوصول إلى مرحلة من الاحتراف في مقابل غياب جودة التعليم.
وأوضحت الهاشم أن أزمة التعليم وعملية إصلاح التعليم كانت سلسلة غير متناهية من منظومة وزارة التربية وأيضا المركز الوطني لتطوير التعليم، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن المشاريع التربوية كانت ضخمة، إلا أن كورونا كشفت أثارها الضعيفة وغير المتكاملة.
إصلاح التعليم
وعن عملية إصلاح التعليم، أشارت الهاشم إلى المشكلة تكمن بأنه عندما نريد إصلاح التعليم نذهب مباشرة إلى الوزارة، بينما جذور الوزارة تتمثل في ديوان الخدمة المدنية الجهة المسؤولة عن القوانين والتشريعات والنظم التي تحكم بدورها الوزارة ولن تتغير بتغير الوزير، مؤكدة أن الإصلاح يتطلب إعادة نظام حوكمة التعليم في دولة الكويت وإعادة تعريف الوصف الوظيفي للمعلم في ديوان الخدمة المدنية.
الاختبارات الدولية
وفيما يتعلق بالاختبارات الدولية، أوضحت الهاشم أن الطلبة يدخلون الاختبارات الدولية دون امتلاكهم لخلفية عن نظم هذه الاختبارات أو التدرب عليها بسبب غياب هذه الاختبارت عن المنظومة التعليمية الكويتية أسوة بالدول الأخرى التي تتيح للطالب كيفية الإجابة على الأسئلة وتعلم فهم المادة العلمية أو الأدبية قبل أن يحفظها بهدف النجاح فقط.
كيف يتعافى التعليم بعد أزمة كورونا؟
وطالبت الهاشم بتفعيل سياسة التعليم عن بعد وإدراج قانون واضح المعالم له وجعله جزءا لا يتجزأ من المنظومة التعليمية، فضلا عن ضرورة إعادة النظر بمفهوم المدرسة وتحقيق الاستقرار للمعلم الذي يضطر للتنقل من مدرسة إلى أخرى ومن مختبر إلى آخر، إلى جانب الاهتمام بمسألة الصحة البدنية والنفسية وهذا يحتاج إلى وضع خطط من قبل الإدارات المختصة في وزارة التربية على أن تكون العودة إلى المدارس من خلال التعليم المدمج، التقليدي والإلكتروني.
فضة المسلم:
المعلم الكويتي ركيزة الإبداع ويجب إشراكه في صنع القرار

من جهتها، لفتت المستشارة التربوية الأستاذة فضة المسلم إلى أن قطاعي الصحة والتعليم كانا من أوائل القطاعات تضررا والأكثر تأثرا بالجائحة التي أظهرت مشاكل وزارة التربية والتعليم بصورة واضحة للجميع، إذ أنه تم إغلاق المدارس لأكثر من 6 أشهر دون خطة لكيفية العودة إلى المدارس أو إلى أين نحن متجهون؟.
وبينت المسلم أن مدارس التعليم الخاص اتخذت توجها خاصا بها وبدأت بالتعليم الإلكتروني بدءا من شهر أبريل 2020 أما مدارس التعليم الحكومي فتوقفت دون إبداء أي ردة فعل إلى أن وصلنا إلى شهر أغسطس، حيث كان الوضع حاسما لمعلمي المرحلة الثانوية الذين كانوا الفئة المظلومة وتم وضعهم أمام المدفع وتركتهم الوزارة أكثر من 6 أشهر دون تدريب ودون رؤية واضحة، إلى أن قررت فجأة تدريبهم بكم هائل من المعلومات في وقت قصير، وهذا ما جعلهم يواجهون مشكلة في التدريب.
وقالت المسلم: في 131 يوما فترة الإغلاق، كان بإمكان وزارة التربية وضع خطة واضحة بعيدة المدى بدلا من وضع خطة وتغييرها بعد يومين أو بعد شهر أو شهرين، فضلا عن أن آلية التقييم لابد أن تكون واضحة ومستمرة ولا تتغير في يوم وليلة وهذه أبرز نقاط الضعف التي لمسناها خلال أزمة كورونا وكذلك ضعف المناهج، فالمناهج التي تم إرسالها للطالب هي نفسها كانت تُدرس أيام التدريس التقليدي وهذه كلها مشاكل كنا نلاحظها في الميدان وعلى أرض الواقع، فلابد أن يكون هناك مواءمة للمناهج حتى تلائم الطالب الذي يتلقى تعليمه من خلال شاشة وليس وجها لوجه مع المعلم.
ثغرات وضعف
وقالت المسلم على أنه بالرغم من وجود ثغرات وضعف ولكن استطعنا في أزمة كورونا كفئة من المعلمين أن نطور من ذاتنا ومواكبة هذه التجربة واستطعنا أن نُعلم الأبناء ونستمر في عملية التعليم، فأزمة كورونا هي أزمة تعليم لأنه حتى الآن ليس لدينا رؤية وخطة واضحة لنهاية العام وكذلك ليس لدينا خطة واضحة لبداية العام الدراسي القادم وعودة المدارس وهذا ما يتطلب منا جميعا المساهمة بترميم هذا الوضع بما يفيد الهيئة التعليمية والأجيال القادمة أيضا.
ودعت المسلم إلى تسليط الضوء على المعلم ومشاركته في إصدار القرار كونه أحد أساسيات المنظومة التعليمية، واصفة المعلم الكويتي بأنه أساس الإبداع ونرفض رفضا تاما التشكيك بقدراته، فهو يعطي من «قلبه» ويبذل أقصى جهده خدمة للتعليم والطلبة والمجتمع.