مشاعل الشويحان| عذراً التعليم (بدون) حق للجميع ..

كان هناك ذاك الطفل يقف لوحده لا سند له سوى صناديق الفاكهة المصفوفة امامه للحظات، ليعطيها ظهره لاحقاً و يلتفت لصيحات الاطفال الآخرين المتصاعد من نوافذ الفصول في المدرسة التي يبيع صناديق فاكهته على ارصفتها.. يشبههم كثيراً و يماثلهم في الطول و الوزن و الملامح في اغلب الأحيان يتكلم بذات لهجتهم و يعيش على ذات الأرض التي يسمونها (الوطن) و لكن لا يحظى بفرصتهم  في التعليم .

ليس لانه لا يرغب بل لإن ( التعليم بدون حق للجميع ) ..

ف خيارات التعليم ليست مفتوحة و مستحقة لجميع الاطفال و بالذات للأطفال من الكويتيين البدون  ربما يكون هذا مثالاً حياًّ قد مر على الكثير منكم و رأيتموه كثيرا خلال مروركم بالشوارع بالقرب من مدارس أولادكم و قد يخلق شعور عابر من الأسى و قد يختفي لاحقاً لأنه لا يمسكم بشكل مباشر ..

 و قد تتأثرون و  تشعرون  بالأسى لأنكم بالتأكيد  لتسقطوا ذات الموقف عليكم  حسب نظرية

 (ماذا لو)  كنت انا مكانه أو أحد أبنائي مكانه ؟!

ليبقى التساؤل  عن ذات الموقف و عن ذات الطفل و عن ذات  الظروف التي تسببت في هذا الامر 

لكن الأكيد و الاقسى و الأمر  هو الشعور بالاختلاف و بالعزلة و بالازدراء على  كل الظروف و الأسباب التي تسببت بهذا المنظر المزعج  للقلب و العقل و الذي نراه و نشاهده باستمرار و باختلاف أسماء المدارس و المناطق في الكويت  لنجد آخرين يجددون هذا الشعور البائس و الألم لدينا على هؤلاء الصغار حيث لا  تتمنى الا أن تراهم بين اقرانهم  و بين بقية تشبههم  من الجموع و في مساحة تحفظ حقهم بالأمان و السلامة  و (العدل) .

ليظهر فيما بعد مشهد اخر لا يختلف عن سابقه في البؤس و لكن يرينا ماذا يصنع التمييز و العزل في نفوس البشر فما بالك بالاطفال و المراهقين.. 

 و لعل الكل يتذكر قبل سنوات قليلة عندما ابتهجنا بقبول وزارة التربية  و السماح لعدد من ابناء و احفاد العسكريين بالانضمام لاقرانهم  المدارس الحكومية و كان غالبية من يعمل في السلك التربوي و التعليمي حريصاً على هذا الادماج لسد هذه الهوّة من التمييز و البعد الإجباري و  لحل خلل سببته سنوات من البقاء في اماكن متهالكة شديدة البؤس و من المفترض انها كانت و لا زالت مدارس أهلية .  

ليعودون لاحقاً  الى مكانهم الأصح و الأحق و لكن ماذا بعد ذلك نجد البعض منهم يخشى أو ربما لا يحب الاختلاط بغيره لسبب لم يختاره و لم يتسبب به هو أو الآخرين من اقرانه من الطلبة ..

بل ما تسببت به هي سنوات فاصلة تراكمت و تفاقمت بالظلم و العنصرية لتجعلهم و كأنهم من مجتمعات مختلفة غريبة عن بعضها رغم كل التشابه الموجود فيما بينهم رغم كل شيء كننا نعلم  و نرى ما تسببت به هذه السنوات من جعل هؤلاء الطلبة الصغار مبتعدين نفسياّ عن من هم حولهم ، مهما بلغت المحاولات للجبر و للدمج  فقد خلق كسراً و شرخاً تسبب به سنوات من التصدّع  لتحدث جرحاً في النفوس  كانت هذه عينة من مأساة لصغار يفترض ان التعليم  المتكافيء و الغير متمايز هي  أولى الخطوات التي  ستنقذهم من اول صفوف المأساة التي صنعت  قسراً و منذ سنوات عدّة ، بالعزل  و الفصل و المنع  و التمييز و التهميش و الخذلان لطفولتهم و لإنسانيتهم قبل كل شيء نتباهى بممارستنا للحقوق و كننا و لا نزال نخذلهم انسانياً بالصمت المتتالي على الانتهاكات المتجددة وعلى الأعمار التي تتساقط يومياً ،قهرا و ظلماً و حرقاً  لا لشيء الا لأنهم بالوصف ( بدون) .

* تربوية و مدربة حقوق انسان للاطفال واليافعين

MAlshuwaihan@

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *