ناصر العطار | السير عكس الطبيعة البشرية

ناصر العطار
ناصر العطار

في كتابها الذي جاء بعنوان «العقل الجائع .. منابع الفضول في الطفولة»، توضح سوزان إنجل أهمية السؤال في حياة الإنسان منذ طفولته، وميوله الفطرية نحو الاكتشاف، وتبادل الأحاديث الجانبية مع أشخاص يعرفهم حول أشياء يراها أول مرة، وحول ناس يلتقي بهم كذلك أول مرة.

حين قرأت الكتاب وجدته يتصادم مع ما تربينا عليه في عموم شئون حياتنا العربية، ففي حياتنا مازلنا بشكل أو بآخر نستهجن الفضول، أو لا نبالي به، ونعتبر بشكل كبير أن الحديث الجانبي بين شخصين «نميمة» لا يجوز الوقوع في إثمها.

فالبعض في حياتنا العربية يطالب الناس بالكف عن الحديث الجانبي، وهو ما قد يمتد بشكل تلقائي إلى التحذير من الفضول، ما يعني أنه وفي نفس السياق ترسيخ لثقافة «التلقين» وعدم الشك وقتلا للشغف. 

والسؤال هنا: إلى أي حد يستطيع الإنسان العربي أن يبقى راضخا لعدم إعمال عقله والسير عكس طبيعته البشرية؟ 

في الحياة العربية، وجد أغلب الناس أنفسهم متوارثين لثقافة مثالية تماما، فرضتها ظروف عدم المعرفة والخوف من المجهول، بينما واقع الحياة التي يعيشونها تتطلب فضولا متواصلا، وهناك من استطاع من العرب بفضوله وبتعلمه من الخطأ أن يفرض الحياة الحرة نهجا لنفسه ونبراسا لغيره، وأتذكر أن حديثا جمعني مع شخصية أكاديمية لها خبرتها في الدفاع عن حرية الإنسان قد قال لي من ضمن ما قاله: «أي شعب من الشعوب كي يستحق الحياة يجب أن يوجد لديه من يدافع عن فكر الحياة».

وها هم شباب وشابات الأمة العربية يدافعون عن «فكر الحياة»، بالتمرد والكلمة والصورة وبالفن والرياضة والاعتصامات والتظاهرات وبالدم، وبكل وقتهم، وفلسطين في هذا كله منارة الدفاع عن فكر الحياة.

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *