نوف الفرحان | التحلطم الإيجابي: اعمل نفسك ميت!

نوف الفرحان
نوف الفرحان

بأحد المجموعات في برنامج الواتساب، دار نقاش بيننا عن منشور لأحدهم وقد ذكر بالمنشور والذي تزين بصورته، «أن الفطرة السليمة والدورة الطبيعية للبشرية هي ألا تتولى المرأة أي منصب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين عدم فلاح قوم تولتهم امرأة، وتأنيث المناصب التي غالباً ما يتولاها الرجال لن يضيف لها جديداً». 

في البداية أريد أن أحلل كلام الرجل الفاضل. 

الفطرة السليمة: هي خلقة الله، مجموع الاستعدادات والميول والغرائز التي تولد مع الإنسان دون أن يكون لأحد دخل في إيجادها، كما تعني الاستعداد لإصابة الحكم والتمييز بين الحق والباطل، وهي خالية من العيوب والآفات. 

الدورة الطبيعية للبشرية: هي كلمات مركبة تم تأليفها لتعطي القائل مركز وهيبة حين لا يفهم المتلقي معاني الكلمات المذكورة، فلا أعلم أهي تعني حياة الإنسان ثم موته ثم بعثه!! أم تعني مثل دورة حياة الحيوانات، بيضة ثم دجاجة ثم بيضة مرة أخرى ثم دجاجة. إلى مالا نهاية! أو تعني دور حياة أعضاء جسم الإنسان كدورة حياة الشعرة، ودورة حياة الجلد، والدورة الشهرية!! أم يقصد أن الإنسان كالماء، بما أنه يتكون من أكثر من ٧٠ ٪ ماء، فيحدث مثلما تعلمنا بحصة العلوم، يكون ماء يتبخر ليصبح بخار ثم يتكثف ويتحول غيمة ليمطر على جبل وينهمر كشلال من قمة الجبل وصولا إلى الأرض ليعيد الدورة مرة أخرى. 

لا أعلم ما يقصد بالضبط، فالدورة هي كل ما يدور ويتكرر، والطبيعية هي كل ما وجد من الطبيعة بلا تصنيع أو صناعة، والبشرة تعود لبشر وهي الذكر والأنثى، إذن ماذا تعني الدورة الطبيعية للبشرية؟! 

أما بالنسبة لحديث الرسول والذي يأخذ به الكثير من الناس، بافتراض صحته لأن هناك الكثير من المآخذ على راويه، فقد قيل كنبوءة لزوال كسرى، والتي تحققت بعد سنوات. 

أما بالنسبة للمرأة ألا تتولى أي منصب، فهي مسألة تفضيلات واختيارات، كأن يكون محامي لا يفضل أن يتزوج محامية، لمعرفته وإدراكه للمتاعب التي مر بها، أو يقوم المعلم برفض امتهان ابنته للطب، كونه يرغب أن تنال عريسا بسرعة، أو أن يجعل الخطيب زوجته أن تبقى بلا عمل بحجة أنه الرجل وسيجعلها أميرة مدللة، وعند أول ضائقة مالية يجعلها تعود للعمل، ويأخذ قرضا باسمها تبقى تدفع أقساطه خمسة عشر سنة. هما أحرار بقراراتهما، لكن بلا إجبار. 

أما بالنسبة لوجهة نظري، وبعد كل ما ذكرته في الأعلى.. 

فإذا كانت المرأة لا تصلح لمنصب، فكيف كانت بلقيس تحكم بلداً، وأخذته للإسلام بحكمتها، لأني أظن أنها لو كانت رجلاً وأتاه كتاب ألقاه له هدهد، سيأخذه العناد ويشن حرباً على سيدنا سليمان دون أن يعرف من هو وما يريد. وكيف كانت السيدة خديجة تدير تجارتها، موقف السيدة عائشة بالنزاع، استشارة الرسول لأم سلمة، والكثير من الصحابيات اللائي لعبن دورا عظيما في التاريخ الإسلامي.  

إضافة للكم الهائل للنساء على مر التاريخ، الملكة فكتوريا، ميركل، هيلاري، مارا، كريستين، ديلما، وغيرهن الكثير. 

والأهم من رأيي هو كلام الله عز وجل في سورة آل عمران: «فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى».

ملاحظة: الشخص الذي دار بيني وبينه النقاش انسحب وخرج من المجموعة منذ بداية النقاش، أظن أن فطرته انسلقت أو دورته الطبيعية البشرية صارت مربعة، أو يمكن «عمل حاله ميت».

شاهد أيضاً

دانة الراشد

دانة الراشد | كن لطيفا

اللطف صفة يستهين بها البعض ويستخف بها الكثيرون، فلا ندرك أثرها الكبير على الأنفس إلا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *