
اشترى رجل في أحد الأيام حمارا، كانت هي المرة الأولى التي يشتري بها حمارا، ومن فرحته أخذه إلى سطح بيته، وصار يريه مساكن قبيلته وعشيرته من فوق السطح، حتى يتعرف على الدروب والطرق، ولا يتيه حين يرجع للبيت وحده، وعند مغيب الشمس أراد الرجل أن ينزل ذلك الحمار من على السطح لإدخاله الإسطبل، لكنه حزن ولم يقبل النزول، فقد أعجبه السطح وقرر البقاء بالأعلى.
توسله صاحبه مرات عدة، وحاول سحبه بقوة أكثر من مرة، لكن الحمار لم يقبل النزول، فبدأ بدق رجله على قرميد السطح، وصار يرفس وينهق في وجه صاحبه، ثم بدأ البيت كله بالاهتزاز، والسقف الخشبي المتآكل للبيت العتيق بات عاجزا عن تحمل حركات وركلات الحمار.
نزل الرجل بسرعة ليخلي البيت من زوجته وأولاده، وخلال دقائق، انهار السقف بجدران البيت، وسقط الحمار، ومات.
وقف الرجل عند رأس حماره الميت والمضرج بدمائه نادما لإصعاده فوق السطح، فمكانه يجب أن يكون تحت.
ما سبق كان قصة طريفة قرأتها ذات مرة، قد تبدو كطرفة، ويمكن أن تكون حقيقة بزمان ومكان ما، لكن الكثير يرى أن المغزى منها هو الحقيقة، فمن الصعب إنزال الحمير الذين تم وضعهم بمكان غير مكانهم، ولا يلام إلا من أوصلهم لذاك المكان.
لكني لا أظن بأن القصة مناسبة ليتم تشبيه إنسان أحمق بها، فالحمار هو حيوان أليف، ذكي، حذر، لعوب، يتعلم بسرعة، ولا يمكن إرغامه على فعل شيء ضد رغبته، دليل في سلوك الطرقات الوعرة، حتى لو مشى بها مرة واحدة، كما يتمتع بحدة سمع وقدرة تفوق الحصان.
له تاريخ طويل يعود إلى ما قبل 12 ألف سنة في القرن الأفريقي. قدسه اليونان والرومان، في مصر القديمة، وهو رمز لمساعدة الإله «رع» خلال رحلته، وفي الأساطير اليونانية هو رمز لتبجيل المتعة، في الأدب كان عنصرا مهما للكثير من الروايات والقصائد، في المسيحية غالبا ما يصور المسيح يركب حمار، وفي الإسلام تم ضرب المثل به وتشبيه بنو إسرائيل بالحمار الذي يحمل أسفارا كما ذكر كدليل وكزينة وكمثال.
لذا لو استبدلت الحمار بالقصة السابقة برجل أحمق، أو متهور، أو عنيد، أو متسرع، وربما أي حيوان آخر، ستصل الرسالة. فالمثل الأمريكي يقول (اعتقد الحمار نفسه عالما لأنهم حملوه كتبا)، وأسقليبوس يقول: (المتعبد بغير معرفة، كحمار الطاحون، يدور ولا يبرح ولا يدري ما هو فاعل).
ملاحظة: لا تظن أنك عالم فاهم حين تحمل كتابا، ولا تقرأه، وتكرر العبارات دون معرفة، وإلا ستكون كمن يحمل أسفارا، أو تبقى لوحدك فوق السطح.