
أكد المجتمع المدني الكويتي والقوى الوطنية الديمقراطية والتقدمية على ضروة تحمل السلطات في الكويت سواء التشريعية أو التنفيذية لمسؤولياتهما تجاه قضايا العنف الموجهة ضد المرأة في ظل استمرار مثل هذه الظواهر وتكرارها ما يستلزم تدخلا للحد منها ومنع انتشارها.
ويأتي هذا الموقف بعد حادثة القتل التي تعرضت لها إحدى الضحايا مؤخرا وانتشار أخبار العنف بصورة شبه يومية، وصولا إلى الاعتصام السلمي الذي أقيم في ساحة الإرادة ٢٢ أبريل الماضي تحت شعار «من التالية؟» وهو ما أظهر الحراك النسوي الجديد لرفض مسلسل العنف ضدهن، والمطالبة بتسريع وتيرة الإجراءات وعدم التراخي في تطبيق القانون.
ورأي المجتمع المدني وقواه السياسية أن المسألة لا تتعلق بالأمن فقط، بل تتعداه لتصل إلى أزمة إدارية وثقافية وسياسية واقتصادية، وكذلك ما يتعلق بالموروث الاجتماعي، ما يعني وجود خلل في حماية النساء والضحايا فالمسألة لم تعد عملا فرديا.
حنين الغبرا: تغيير جذري عميق

أكدت د. حنين الغبرا أن ما حدث ليس جريمة قتل فردية، بل أنماط قتل منظمة موجهة لمجموعة من الناس، وهذه المجموعة قد يصدف أن تضم أمهاتنا وأخواتنا وأحبائنا، لذا يجب أن نتحد جميعا بغض النظر عن الهوية، وإلا سنستمر في تلقي أخبار قتل أخرى.
وأضافت نحن بحاجة إلى تغيير جذري عميق وإعادة تقييم الطريقة التي نفكر بها، فالطريقة التي تنظر من خلالها إلى المرأة على أنها املك خاصب وأقل شأنا ومكانة من الرجل ما يؤدي إلى حصول المزيد من العنف تجاهها ويحصل مرتكبي هذه الجرائم على أحكام مخففة أو تسامح اجتماعي.
وقالت: في الأصل هذه جريمة كراهية على أساس النوع الاجتماعي، يعرف على نطاق واسع بأنه االقتل العمد للنساء أو الفتيات لأنهن إناثب، وأن جذور المشكلة تتمثل في النظام الأبوي العميق الذي يمتلك أدوات الانتشار في مختلف الأنظمة، سواء في القانون أو الإعلام أو التعليم، وحتى في التفسير الديني.
شيخة البهاويد: إهمال من السلطتين

ومن جانبها أكدت الناشطة شيخة البهاويد أن جرائم العنف التي تتعرض لها النساء سببها ثقافة مجتمعية عنفية ومخضعة للمرأة في ظل إهمال السلطتين التشريعية والتنفيذية لمثل هذه الجرائم وعدم الالتفات لها ما يؤثر على الإجراءات القانونية والتشريعات والعقوبات وتنفيذها.
وترى البهاويد أن هناك عدة عوامل ساعدت على صعود الموجة النسوية في الكويت، منها التغيرات الإقليمية التي حدثت في ٢٠١١ وارتفاع صوت الشباب في العالم العربي والتغييرات الفكرية التي أعقبت ذلك، إضافة إلى الحركات الدولية التي بدأت بمناهضة التحرش. وأشارت في السياق ذاته إلى الحراك النسوي في السعودية وتأثيره على صعود االنسويةب في الكويت حيث كان له أثرا كبيرا على وعي الشابات في الكويت من كويتيات وغير كويتيات ما ساهم في موجة أكثر فهما وعمقا وتقاطعية في القضايا، وما سلسلة العنف ضد المرأة في الفترة الأخيرة إلا دبوس فجر فقاعة الغضب لدى النساء اللاتي تحركن مؤخرا للحديث والمطالبة بحقوقهن.
شيخة الهاشم: تجاهل وصمت

أما الناشطة شيخة الهاشم فقالت أن الكويت شهدت في الآونة الأخيرة جرائم بشعة كانت ضحاياها نساء، كما تزايدت أعداد المعنفات في المنازل مع تفشي جائحة كوفيد-19 ما استدعى تدخل المجتمع المدني وأفراد لاحتواء الناجيات من العنف. مضيفة أنه على الرغم من انتشار وتفاقم حالات العنف وتداول الأخبار عن الجرائم عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن الصمت المطبق من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية والإعلام العام يثير القلق.
وذكرت أنه مع المشهد السياسي الحالي وغياب المرأة عن مجلس الأمة فإن البنود التي تخص المرأة لم تدرج في جدول الأعمال أو تكون لها أولوية، مثل تسريع إجراءات الانتهاء من اللائحة التنفيذية للقانون الخاص بشأن الحماية من العنف الأسري.
وأشارت إلى أن جرائم قتل النساء تحديدا تواجه بالصمت وتجاهل بشاعة الفعل، وهذه الظاهرة لا تقتصر على الكويت بل هي عالمية، فالعنف القائم على النوع الاجتماعي يسعى الى وضع الجنس الأنثوي كفئة قابلة للاستغناء عنها، وذلك يرجع إلى الأنظمة الأبوية المتأصلة في النسيج الاجتماعي-السياسي، والاجتماعي-الاقتصادي التي حددت لغة القانون حيث أنها عززت الامتيازات الذكورية، ما جعل السلطة المصيرية بيد الرجل فهو الذي يقرر حياة المرأة ومدى أهميتها والعقوبة المترتبة في حال مصرع المرأة والأعذار المقبولة لتخفيف العقوبة.
وأكدت الهاشم أن هذا الأمر يستدعي تتبع جذور الأطر القانونية الهيكلية والعمل على مشروع إصلاح هيكلي وليس تجميلي، ومشروع موازي ثقافي – اجتماعي للتخلص من المعتقدات والمفاهيم المتراكمة الخاطئة فيما يخص التمييز القائم.
وبينت أن نجاح المشاريع المذكورة يجب أن يتبعه تحليل منهجي تقاطعي يشمل كل فئات المجتمع دون استثناء بهدف الحد من ظواهر العنف والعنصرية والتمييز بشكل متكامل.
الحركة التقدمية: حماية المرأة

قالت الحركة التقدمية الكويتية في بيان لها أنه تكاثرت في السنوات الأخيرة جرائم العنف ضد النساء، سواء تلك ذات الطابع الأسري أو غيرها، وعلى الرغم من ذلك لم تستنهض الدولة أجهزتها ما شجع على تكرارها، دون أن يصدر مجلس الأمة تشريعا فعالا، أما مجلس الوزراء فإنه تجاهل هذه الظاهرة ولم يناقشها ضمن أبعادها الاجتماعية والقانونية والتربوية، مع أن انتشار ظاهرة قتل النساء ينم عن وجود ترسبات اجتماعية خطيرة، وعن تسيب أمني صارخ وقصور قانوني فاضح، ويبدو أن السلطة في الكويت ترى نفسها غير معنية بحياة الناس وأمنهم، وتحديداً بحياة النساء وأمنهن.
وأكدت التقدمية بأن استمرار هذه الظاهرة من دون إيجاد حل فوري رادع يشكل خطرا داهما، ويعيدنا إلى المربع الأول في قضية حقوق المرأة، حيث أصبحنا نطالب بحماية المرأة من القتل والاضطهاد والعنف، بدلا من المطالبة بتمكينها ومساواتها بالرجل في باقي مجالات الحياة، فالمرأة في الكويت لاتزال تواجه العديد من التحديات اليومية، تحديات من الدولة ومؤسساتها عبر القوانين، وتحديات مجتمعية عبر الثقافة الاجتماعية السائدة، ناهيك عن تهميش فئة كبيرة لا يتم احترام حقوقها ولا تمثيلها بشكل كاف وعلى رأسها النساء من الكويتيات البدون، والعمالة الوافدة، وعاملات المنازل بشكل خاص.
المنبر الديمقراطي: تحمل المسؤليات

أكد المنبر الديمقراطي الكويتي في بيان له أن هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة جرائم أخرى تشهدها البلاد راح ضحيتها عدد من النساء دون أن نشهد أي تحرك فعال من جانب مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية لوقف مثل هذه الجرائم. ونوه أن هذا التراخي ما يطلق عليه وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان بـ (العنف القائم على النوع الاجتماعي).
وطالب المنبر الديمقراطي الكويتي الحكومة القيام بمسؤولياتها وفقا لدستور ١٩٦٢ والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي بكافة أنواعه وصوره. كما طالب أعضاء المؤسسة التشريعية القيام بدورهم المنوط بهم، والعمل على سن التشريعات اللازمة للتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي على كافة المستويات عبر تشكيل لجنة خاصة للتعامل مع هذه القضية بالغة الحساسية.
٦ مطالب
طالبت قوى سياسية ومدنية باتخاذ قرارات وخطوات فورية وعاجلة، تثبت جدية الرغبة في إيقاف الاعتداءات المتكررة على النساء وتضمن لهم العيش الآمن وعدم تكرار مثل الاعتداءات والجرائم، وذلك من قبل كافة الجهات المعنية من وزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الداخلية ووزارة العدل وإدارة التحقيقات والنيابة العامة ومجلس الأمة وهذه القرارات تشمل اتخاذ خطوات حقيقية وتطبيق بروتوكولات فعالة، وعلى رأسها:
- تفعيل قانون العنف الأسري والإسراع بإصدار اللائحة التنفيذية وفتح وتشغيل دور الإيواء لاستقبال المعفنات فورا.
-
تخصيص ونشر أرقام تسهل على النساء الشكوى بسرية تامة، سواء المعفنات او الشهود، مع ضمان الحماية لهم.
-
تدريب رجال الأمن ومن يتلقون شكاوى الاعتداء والتحرش وما في حكمها على بروتوكولات تضمن فصل رأيهم الشخصي وموروثهم الاجتماعي عن واجباتهم الوظيفية ليكونوا أكثر مهنية.
-
تفعيل تواجد شرطيات الأمن في المخافر وإنشاء قسم خاص للتعامل مع الشكاوى المتعلقة بالمرأة والأسرة، وخصوصا في حالات تواجد المعتدي مع الضحية.
-
تفعيل دور جهاز الرقابة والتفتيش في وزارة الداخلية لمراقبة الضباط والمحققين في المخافر في حال رفض تسجيل قضايا العنف ضد النساء او التساهل في التعامل معها، مع بيان آلية الشكوى في الرقابة والتفتيش بشكل واضح.
-
تشديد وتنفيذ العقوبات على جرائم العنف ضد النساء ومعالجة النقص التشريعي في قضايا التحرش والملاحقة.
الموقعون:
الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية – جمعية العمل الاجتماعي – الجمعية الكويتية لحقوق الانسان - جمعية الخريجين - الجمعية الكويتية لحماية الطفل - اتحاد كويتيات بلا حدود - الرابطة الوطنية للأمن الاسري - الاتحاد الوطني لطلبة الكويت /جامعة الكويت - الاتحاد الوطني لطلبة الكويت / المملكة المتحدة – رابطة الطلاب جامعة الخليج للعلوم والتكنلوجيا – قائمة المستقلة –٠ قائمة الوحدة الطلابية – قائمة الراية / المملكة المتحدة – الاتحاد الوطني لطلبة الكويت / الولايات المتحدة – قائمة الوسط الديمقراطي – الحركة التقدمية الكويتية – حملة لن اسكت – اتحاد كويتيات بلا حدود – منصة سجل مضاوي – حملة بس لمناهضة العنف – حملة سقف واحد –٠ حملة إلغاء المادة ١٥٣ – المنبر الديمقراطي الكويتي – فريق إيثار التطوعي