من الأقوال الشهيرة التي ألفتها الأذن في السنوات الأخيرة ما قاله الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه حينما كان رئيسا للوزراء بأن «فساد البلدية ما تشيله البعارين» وهو واقع استمر ولايزال.
وهنا يثور السؤال أما آن للبعارين أن تتحمل ذلك الفساد؟ أو بالأحرى أما آن لنا أن نريح تلك البعارين ونزيل عنها جبل الفساد ذلك بتنظيفه واجتثاث جذوره واقتلاع أشجاره المعمرة في أركان البلدية التي تعد العامود الفقري لنهضة البلاد.
واقع القصور والتقصير في البلدية لا يخفى على أحد وهو أمر أوردته التقارير الرقابية المتتالية دون أن تحرك أرقامها ساكنا أو تستفز مراقبا يخشي على المال العام ويدرك حرمته.
وبنظرة بسيطة على أخر تلك التقارير يمكن أن نضع أيدينا على بعض مظاهر الفساد ومنها صمت البلدية عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة التعديات على أراضي الدولة وعدم تحصيل الرسوم المستحقة البالغ قيمتها 13.4 مليون دينار كويتي نتيجة استغلال عدة شركات لمساحات شاسعة من أراضي الدولة وإقامة تشوينات ومنشآت ومبان وخلاطات مركزية في مواقع عدة بالمحافظات دون الحصول على التراخيص اللازمة.
وبحسب تقارير ديوان المحاسبة فإن البلدية تقاعست عن التصدي لنفس الشركات التي سبق أن أنذرتها رغم تكرار المخالفات وهو ما يؤكد تهاونها في الحفاظ على أموال الدولة والتصدي لها.
تساهل
وفي مخالفة أخرى أورد الديوان أن التساهل وصل إلى الحد الذي شجع إحدى الشركات على استغلال أراضي الدولة بمساحة تزيد عن مليون متر مربع من دون ترخيص من البلدية وتقسيم المساحة إلى مساحات داخلية وتأجيرها على شركات أخرى فيما بلغت قيمة الرسوم المستحقة وفق أخر إنذار نحو 12 مليون دينار.
عقود النظافة
ومن التفريط في أراضي الدولة إلى مظهر أخر من مظاهر القصور يتمثل في عقود النظافة، إذ أبرمت البلدية في إبريل 2019 نحو 17 عقدا بقيمة إجمالية 124 مليون دينار لمدة 5 سنوات تبدأ من انتهاء فترة الإعداد والتجهيز المقدرة بـ 6 أشهر. وبالرغم من مباشرة الشركات أعمالها في أكتوبر 2019 إلا أن الزيارات الميدانية لممثلي ديوان المحاسبة كشفت عن عدم استلام الشركات لمواقع التشوين حتى نهاية الربع الأول من 2020، فضلا عن قيام بعض تلك الشركات بتوقيع عقود مع وزارة المالية لاستغلال أملاك الدولة دون الحصول على ترخيص ما يعيق بعض متطلبات وشروط العقود الموقعة مع البلدية.
وألقت التقارير باللوم على البلدية بشأن عدم وجود دراسة مستفيضة لمتطلبات بعض المناقصات ومن ذلك وجود آلية لتنظيف الشاطئ ضمن أحد العقود قيمتها 25 ألف دينار لم يتم الاستفادة منها، وكذلك لا توجد ضمن عقود صهاريج لازمة لأعمالها إضافة إلى قيام بعض الشركات بتوصيل الكهرباء وربطها على الشبكة بدلا من توفير مولدات كهرباء وفق ما ينص عليه العقد.
ملاحظات مالية
من بين المخالفات على الشركات كذلك عدم التزامها بتحويل العمالة على كفالتها ونقص عدد مفتشي النظافة في بعض المواقع ما أدى إلى ضعف متابعة البلدية لأعمال تلك العقود.
أما على المستوى المالي فقد أسفر فحص الديوان للدفعات الشهرية طوال 2020 عن وجود العديد من الملاحظات أبرزها عدم وجود ما يثبت قيام الشركات بتحويل رواتب العمالة وكذلك عدم فرض البلدية أي غرامات على الشركات خلال تلك الفترة بالرغم من ثبوت المخالفة
ملفات أخرى
ملف أخر تطرقت إليه التقارير الرقابية يخص مواقع حجز المركبات التابعة للبلدية بمنطقتي النعايم وميناء عبدالله التي تركت دون توفير كاميرات مراقبة بمواقع الحجز تلك، فضلا عن خلوها من كشافات الإنارة ماعدا بعض الكشافات عند البوابة الرئيسية، إضافة عن عدم توفير طفايات الحريق بالموقع، وكذلك عدم وجود مبان إنشائية والاكتفاء بشبرات الكيربي المتهالكة وغير الصالحة للاستخدام.
وكشفت التقارير عن وجود العديد من المركبات خارج الأسوار بموقع حجز النعايم، بل ووجود العديد من السيارات المدفونة أسفل الرمال بالقرب من الأسوار وتعرض العديد من السيارات للسرقة والإتلاف ما يؤثر على سعرها في المزادات.
ومن بين المخالفات كذلك ما يتعلق بقصور البلدية في متابعة الدعاوي القضائية المقامة ضدها وهو ما ترتب عليه صدور أحكام بالتعويض بلغ إجماليها 203 ألف دينار نتيجة تخلف البلدية تقديم أية دفوع أو مستندات